في عيد ميلاده الـ40.. تعرف إلى رونالدو الفقير و«الطفل الباكي» وعملية القلب التي جعلته أفضل لاعب في العالم - ميديا سبورت

0 تعليق ارسل طباعة حذف

ترجمة وعرض: ضمياء فالح
احتفل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الأربعاء بعيد ميلاده الـ40،حيث ولد في 5 فبراير/ شباط 1985.
كيف أصبح طفل فقير من ماديرا البرتغالية أشهر وأفضل لاعب في العالم؟ ما هي معالم رحلته من شوارع الحي راكضاً وراء كرة من الجوارب إلى أيقونة أحد أعرق أندية العالم، تتسابق عليه أكبر الشركات ويرد اسمه على كل لسان؟ من أي رئيس دولة استوحت والدته اسم رونالدو؟ كيف ولماذا كره المدرسة ؟ وما هي عملية القلب التي خضع لها، ولماذا ؟ ومن الذي منحه رقم 7 ؟
قدم الكاتب مايكل بارت بعد تأليفه كتاب عن «البرغوث» ميسي، جوانب مثيرة وخفية عن حياة رونالدو أشهر رقم 7 في العالم وأفضل لاعب على الأرض 5 مرات، ولمحات مفصلة عن الوجه الآخر لنجم النصر السعودي الحالي وريال مدريد ومانشستر يونايتد ويوفنتوس وسبورتينغ لشيونة سابقاً وخارطة تسلقه القمة ومن ساهم في وصوله إلى هناك.
نفس عميق
رش القليل من الماء على وجهه ونظر إلى نفسه في المرآة وأخذ نفساً عميقاً. هذه هي ملامح التوتر التي يرسمها لنا الكاتب في الفصل الأول وهي نفس الملامح التي تمثل استراحة مقاتل في محطة جديدة. انه اليوم الموعود لكريستيانو رونالدو، 6 يوليو 2009 وأمام 82 ألف متفرج غص بهم البرنابيو وآلاف غيرهم يتابعون المشهد أمام الشاشات خارج الملعب، سيضع أول قدم له في ريال مدريد. وأخيراَ حقق حلم حياته الذي طالما أسر به للبعض. صحيح انه معتاد على الكاميرات ولكن هذه المرة مختلفة تماماً، حياته تمر أمام عينيه كشريط سينما يعاد عرضه ولكن على مراحل وما زاد الطين بلة وجود اسمين لم يتخيل يوماً ما أن يكونا بانتظاره وأن يقف الى جوارهما، أسطورة الريال الفريدو دو ستيفانو وبيليه البرتغال «أوزبيو». لم يتمالك نفسه فأغمض عينيه وتذكر الشوارع المهترئة التي كان يلعب عليها والبيوت الشبيهة بالأكواخ المرقعة التي تحيط بها، تذكر طفولته في ماديرا وتساءل: كيف وصلت إلى هنا؟
كان نائماً في حضن أمه ماريا دولورس افيرو وبدا أن رونالدو مستسلماً لقدره الذي يرسم مشهده الكاتب في الفصل الثاني. الأم وأختها بانتظار تعميد ابنها، اقترب رجل الدين يسأل الأم عن سبب تأخر الأب والجد كي يبدأ المراسم ولم تعرف الأم بم تجيبه. أتقول له أن والد رونالدو وجده في ملعب أندورينيا مشغولان بمباراة كرة قدم ؟ الجد كابتن فريق خوزيه فرناو برافا ووالد رونالدو المسؤول عن تجهيزات الفريق. ولكن لماذا كانت الأم خجولة من البوح بالسبب لأن القلة في جزيرة ماديرا يهتمون بكرة القدم وعائلتها من بين هذا الاستثناء. أخبرت الأم رجل الدين أنها أطلقت اسم كريستيانو رونالدو على صغيرها الغارق في النوم فتعجب وسألها بتعجب:«رونالدو؟ على اسم رونالد ريغان»، قالت:«نعم، ولكن قبل ان يكون رئيساً لأمريكا، كان ممثلاً قديراً ونحن نحبه كثيراً ونحب جميع أفلامه»، فقال لها:«رونالدو؟ ربما رئيس في المستقبل؟ أو حتى نجم سينمائي».
منزل صغير
نلج في الفصل الثالث الى داخل منزل الصغير رونالدو صاحب الـ5 سنوات في قرية أعلى التل بـ(فونشال) عاصمة (ماديرا). الأم والوالد (خوزيه دينيس) في غرفة ورونالدو وأختيه (الما و كاتيا) والأخ (هوغو) جميعهم في الغرفة الأخرى. لم يكن الضوء يدخل إلى المنزل من النوافذ القليلة بل أيضاً من الثقوب العديدة في سقف المنزل إذ لم يملكوا المال لإصلاحه. كان يجلس في الشرفة وينظر إلى الفتية في طريقهم للعب الكرة وأراد يوماً ما الانضمام إليهم فضحكوا منه ودفعوه لأنه لم يبلغ بعد السادسة من العمر. عاد إلى المنزل غاضباً حانقاً والدموع في عينيه وصنع لنفسه كرة من الجوارب وراح يتمرن عليها. نادراً ما يحصل على كرة ليداعبها بقدميه الغضتين وحينما أمتلك واحدة رماها من فوق التلة ولم يستطع اللحاق بها. حمل له والده واحدة أخرى وقال له مازحاً(هذه لشخص آخر وليست لك) فأنخرط ببكاء حاد حتى علم أنها له فعلاً. كان أسرع من أي صبي عمره 5 أعوام في الحي على الإطلاق ولم تكن عائلته تملك تلفاز فيذهب إلى الجيران لمشاهدة المباريات وفي اليوم التالي يقوم الصغير رونالدو بتقليد جميع الحركات الفنية للاعبين.
لطالما سمع رونالدو والدته ووالده يتخاصمان في المطبخ، الأب يصرف راتبه من عمله كبستاني ومسؤول تجهيزات الفريق على شرب الكحول والأم تلومه على ذلك وتشتكي أن راتبها الذي تجنيه في خدمة وتنظيف المنازل من الصباح حتى غروب الشمس لا يكفي.
صورة مأساوية
صورة مأساوية للمنزل الذي كان يعيش فيه كريستيانو رونالدو ينقلها لنا الكاتب في الفصل الـ4. كان رونالدو يحب والده ويشعر بالأسف عليه وبسبب أفعاله أقسم منذ صغره ألا يضع ولو قطرة كحول واحدة في فمه. كره الفقر والفاقة التي تمنعه وعائلته من أكل ما يريدون أو النوم في أسرة جيدة، وتعهد لنفسه انه يوماً ما سيغير هذا الواقع. وفي أثناء ذلك كانت وسيلته للهروب من الواقع المزري والحزن هو الخروج إلى الشارع للعب الكرة، إلى جزيرة السعادة. كان يهرب من النافذة ليلعب الكرة وتتغاضى أمه طمعاً في منحه بعض السعادة. توجه نحو الأولاد فرحاً قائلا لهم:«هيا، لقد أصبحت في السادسة وبامكاني اللعب معكم»، ضحك الجميع مرة أخرى واستهزأوا به قائلين:«نحن الآن في التاسعة عندما يكون عمرك تسع سنوات تعال إلينا».
صغير السن ولكنه شجاع، عرف كريستيانو أن الأولاد يخدعوه فضرب الكرة في تلة قريبة لترتد على ظهر أكبر اللاعبين وأضخمهم «أديلينو» فتجمد الجميع خائفين متوقعين انفجار أديلينو ولكنه بدلاً من ذلك ضحك عالياً حتى كاد يسقط ودعاه لينضم إليهم. تقابلوا مع فريق من فتيان بعمر 12 عاماً، كان يمكن سماع دقات قلب رونالدو حينها من التوتر وكذلك الخوف. طلب منه أديلينو البقاء في الوسط وعند استلامه للكرة تمريرها إلى أي مهاجم. فعل ذلك رونالدو ومرر الكرة إلى أديلينو فضيع هدفاً محققاً، صرخ الصغير رونالدو عليه وغضب وتعجب الجميع منه. طلب رونالدو أن يلعب مهاجماً، فصعق أديلينو من جرأته ولكنه رضخ لها على أمل أن يفشل وقال له:«عمرك ست سنوات وتتحدى ماذا ستفعل إذا ما أصبحت في التاسعة؟» أجابه رونالدو:«أريد أن العب في ريال مدريد». عاد إلى المنزل بعد ان سجل هدفين في مرمى الكبار.
يواصل الكاتب في الفصل الـ5 بوصف الحياة البائسة والفقيرة للغاية التي كان يعيش فيها رونالدو في صغره وكأنه يحاول إجبارنا على ترسيخ هذه الصورة في أذهاننا حينما نرى إصرار ومكابرة وعناد رونالدو أحد أعظم اللاعبين حالياً.
يقف رونالدو الصغير في سن السادسة ينظر من النافذة ومعه ألما و كاتيا وشقيقه هوغو، يتحسر على عدم امتلاكهم شجرة عيد الميلاد وينظر إلى السياح والناس من بعيد وهم يرتادون المارينا ويطلبون ما يشاؤون من أصناف الطعام والشراب، إذ كانوا بالكاد يضعون أي طعام على المائدة فما بالك بشجرة وهدايا؟ بدأ المطر ينهمل بغزارة فطلبت أخته ألما منه غلق النافذة كي لا يتبللون، نظر إليها وقال:«وما الفرق، سنتبلل داخل المنزل أيضاً. سأذهب إلى المطبخ لإحضار القدور» كي ينزل فيها الماء من الثقوب الكثيرة في السقف. في صباح عيد الميلاد دق الجد الباب قفز رونالدو من سريره مسرعاً وفتح فعاتبه جده أنه لم يتأكد من على الباب قبل فتحه قائلاً:«ألا تخشى أن يكون لصاً؟» أجابه رونالدو «وما الذي عندنا ليسرقه اللص ؟». ضحك الجد كثيراً ثم قدم له هدية الميلاد فتحها الصغير رونالدو ليكتشف أنها سيارة تسير بجهاز الريموت فأعادها إلى جده وقال:«أعطها لهوغو، ألا تعرف أني أحب الكرة فقط ولهذا السبب أريد أن العب لريال مدريد».
رونالدو متأخر كالعادة على المدرسة، تنظر معلمته (ماريا دوس سانتوس) إلى مقعده الفارغ ثم تتابع الكتابة على السبورة. تسمع جلبة من خلفها فتلتفت مرة أخرى لتجده في مكانه. المعلمة صارمة ولا تسمح بالتأخير ولكنها تعلم ظروف رونالدو جيداً من فقر وأب سكير وأم تكافح لتأمين لقمة العيش فتتساهل معه.
نحن في الفصل الـ6، يتوجه الأولاد في الاستراحة بين الدروس نحو الحديقة ويجلسون لتناول الطعام من كيس يحضرونه معهم. لا يملك رونالدو كيس للطعام لأنه أصلاًُ لا يملك طعام يحضره معه، وبدلاً من ذلك يذهب ليلتقي حبه الوحيد، الكرة. لا يملك كرة في المدرسة فيلف جواربه على شكل كرة ويبدأ في التدرب على الحركات الفنية والتلاعب بالكرة.
اشتهر رونالدو لاحقاً بحركة «يوهان كرويف» الشهيرة، رفع الساقين فوق الكرة يميناً ويساراً لإثارة الخصم وخداعه، ولكن أين تعلم هذه الحركة للمرة الأولى؟ في الحمام. عندما عاد من المدرسة أراد مساحة ضيقة للغاية كي يتقن هذه الحركة فلم يجد سوى الحمام. نادى عليه الأولاد من الشارع صارخين أنهم في مأزق وبحاجة إليه، بعد مرور السيارات استأنف اللعب من جديد وراح رونالدو يستعرض الحركة الجديدة التي تعلمها للتو. اجتاز ثلاثة مدافعين وانطلق كالصاروخ باتجاه المرمى، وقف أديلينو مبهوراً مما رآه للتو ولم يصدق عينيه فقال له رونالدو:«تعلمتها في الحمام».
عندما شاهده ابن عمه نونو يتلاعب بالكرة وكأنه ساحر دعاه في اليوم التالي إلى حضور مباراته على ملعب اندورينيا. نرى رونالدو في الفصل الـ7 وهو يتوجه إلى الملعب الذي يديره المدرب فرانسيسكو افونسو بحضور والد رونالدو وجده. كاد عقل رونالدو يطير من الغيرة، ملعب بعشب حقيقي بدل الشارع ومدافعين حقيقيين لتجاوزهم بدل صناديق القمامة والإطارات القديمة. سجل ابن عمه هدفاً فطار رونالدو من الفرح، وفي الاستراحة دعاه والده إلى اللعب مع ابن عمه. شعر رونالدو بالتوتر فاللاعبين أعمارهم 8 سنوات وهو اصغر منهم ولكن طوله يخدع الآخرين وهو لم يلعب أبداً مع أقرانه بل الأكبر منه دوماً. شجعه جده للنزول وشاهد من بعيد والدته وهي تجلس إلى جوار الفارو ميليو، مدير شباب النادي. بدأت المباراة من جديد، وبسرعة الضوء خطف رونالدو الكرة وتخطى المدافعين وكأن الكرة ملتصقة بقدميه وبات بمواجهة الحارس لوحده فخدعه وركل الكرة في زاوية المرمى. وبنفس الطريقة سجل هدفين آخرين ليكون أول هاتريك له على ملعب عشبي. ذهل الفارو ميليو وقال لأبيه:«ابنك مذهل، نريده».
أول خصام
في الفصل الـ8 يروي لنا الكاتب تفاصيل أول خصام حقيقي لرونالدو في الفريق. كان يلعب في موقع الجناح ويراقبه المدرب فرانسيسكو الفونسو. بدا تائهاً للوهلة الأولى وهو ينظر إلى الأعلى، إلى اللاعبين الأطول والأكبر منه. كان بعمر 7 سنوات فقط، وبدأ الجميع يطلق عليه اسم «النحلة الصغيرة» لأن لا أحد يستطيع الإمساك به. كانت المباراة أمام فريق كاماشا القادم بالحافلة من الطرف الآخر في المدينة. عندما نظر المدرب إلى المدرجات وقعت عيناه على روي سانتوس فتجمد من هول المفاجأة، فهذا الرجل هو رئيس نادي اندورينيا ومن النادر أن يحضر بنفسه مباراة للصغار. كان الفريق قد خسر مبارياته الأخيرة رغم مشاركة رونالدو وسمع رئيس النادي أن نجمه الجديد، رونالدو، غير سعيد ويفكر في ترك النادي. وقف رونالدو خارج المستطيل الأخضر وقال لوالده والدموع تنزل على خديه:«لا أريد أن العب يا أبي»، صدم الأب من هذا القرار وبدأ يناقش ابنه الذي لم يفوت أي مباراة على الإطلاق فأجابه رونالدو:«نحن نخسر دوماً وأنا لا أريد أن أخسر بعد الآن». أقنعه الأب أن الضعيف فقط هو من يترك المباراة وأن رفاقه بحاجة إليه ليكسبوا. اقتنع أخيراً ووقف في مركز الجناح. انتهى الشوط الأول بخسارة فريق رونالدو بهدفين، ودخل رونالدو في نوبة بكاء حارقة. انتفض رئيس النادي ونزل إلى الملعب وسأله:«لماذا تبكي يا رونالدو؟» أجابه:«لأننا نخسر»، فقال «ولكن هناك شوط آخر وبامكانكم التعويض. هل تبكي بسبب رفاقك ؟»، رد رونالدو:«كلا ابكي من نفسي لأني غاضب منهم»، ابتسم له رئيس النادي وتحدث معه قليلا ثم مسح رونالدو دموعه ونزل لتكملة المباراة. بحركة منفردة وقوية وخاطفة ركض رونالدو كأنه جنرال يقتحم دفاعات العدو وتخلص من المدافعين وأنهى الهجمة بحركة جميلة للغاية ولم يتوقعها أحد جعلت رئيس النادي يقف على قدميه مذهولاً وهو يرى الكرة تستقر في زاوية الشباك. سجل رونالدو هدفين آخرين ليفوز فريقه.
أول المعركة
يلخص لنا الكاتب في الفصل الـ9 أول معركة بين ناديين على سرقة رونالدو والوسيط هو جده شخصياً. كان الجد قد بدأ العمل ككشاف لاعبين في نادي ناسيونال. حضر هذا اليوم للجلوس مع والد ووالدة رونالدو، عرض عليهم أن يلعب رونالدو لنادي ناسيونال، الذي تشجعه الأم فانتفض الأب رافضاً وأصر أن يلعب رونالدو للفريق الذي يشجعه مارتيمو. طلب الجد سؤال رونالدو الذي أجاب أنه سيلعب مع الفريق الذي يريده أكثر. قدم الجد حلاً وسطاً، كجد هذه المرة وليس كوسيط، أن يجلسوا مع الناديين ويسمعوا العرضين ويقرروا بعدها. جلس رئيس نادي اندورينيا على الطاولة وإلى جواره الأب والأم ورونالدو داخل أفضل مطعم في المدينة، كان رونالدو يشم طعامه من بعيد ويتحسر. سأله:«ماذا تريد أن تأكل يا رونالدو؟» أجاب:«كل شيء». بعد دقائق حضر روي الفيش، رئيس نادي ناسيونال وأخبر الجميع أن نادي مارتيمو انسحب من العرض لأنهم يريدون استكشاف مواهب برازيلية. فرحت الأم كثيراً لهذا الخبر فبات ناسيونال هو الفريق الذي يريد رونالدو بشدة. عقدت الصفقة ومعها تغيرت حياة رونالدو للأبد. سجل رونالدو هدفاً في أول 15 ثانية نزل فيها مع الفريق كلاعب وسط فهنأه المدرب ولكنه طلب منه مناولة الكرة إلى اللاعبين الآخرين وألا يقوم بكل شيء بمفرده. فاز الفريق بكل مبارياته وبات رونالدو الهداف الأول ولكن أصبح اللاعبون منزعجين من استفراد رونالدو بالكرة وكثرة بكائه عند الخسارة فأطلقوا عليه لقب «الطفل الباكي».
ضمن رونالدو للفريق في موسمه الثاني معه، بعمر 9 سنوات، لقب دوري الشباب. عقب التتويج أخذه جده بسيارته وقال له «كرة القدم لعبة جماعية»ونصحه أن يفكر بكل الفريق وليس بنفسه فقط كي يرتقي للعب في أندية أكبر وأعرق. بعد أن أوصله ذهب جده الى منزله والتقط سماعة الهاتف واتصل بصديقه رئيس نادي سبورتنغ لشبونة في فونشال وقال له كلمتان فقط:«انه جاهز».
تحقق حلم جديد لرونالدو بحسب ما يرويه لنا الكاتب في الفصل الـ10، حيث وصل سراً باولو كاردوسو إلى ماديرا فقد أراد أن يرى الفتى الذي يتحدث عنه الجميع. جلس على مقاعد المتفرجين ليس ببعيد عن جد رونالدو، الذي يعرفه، ووالدته ووالده وأخته ألما. رأى ما يفعل رونالدو في خط الوسط وكأنه ولد في هذا المكان. بعد انتهاء المباراة توجه نحو العائلة وقال لهم:«نريد دعوة هذا الفتى العجيب إلى تجربة في نادي لشبونة». كادت تسقط والدته من الفرح إذ أنها معجبة بهذا النادي كثيراً، واتفق باولو على مجيء رونالدو مع والدته وجده الى أكاديمية النادي لمدة أربعة أيام. جلسوا جميعهم على طاولة العشاء في أحد أرقى الفنادق وسأل باولو رونالدو عن أعز صديق له فأشار إلى الكرة. بعد أيام قلائل غادر رونالدو الجزيرة للمرة الأولى في حياته متوجهاً إلى لشبونة عقب ليلة لم يتذوق فيها طعم النوم أبدا كما قال لأمه الجالسة إلى جواره في الطائرة. كان ذلك عام 1996 وكان عمر رونالدو آنذاك 11 عاماً. عندما نزل رونالدو إلى أرضية ملعب تدريب شباب لشبونة بدا له كل شيء كبيراً وشعر أنه قزم بسبب التوتر. كانت كل العيون تراقبه خاصة باولو كاردوسو ومدرب آخر يدعى أوزفالدو سيلفا. قال الثاني للأول:«يبدو عادياً» فأجاب باولو:«انتظر حتى يلعب». وبالفعل، عندما بدأ يلعب ظهرت شجاعته وذهب الخوف والتوتر منه وأصبح يتلاعب بالكرة ويؤدي حركاته الفنية ويجتاز اللاعبين العاجزين عن إيقافه حتى سجل هدفاً. للمرة الأولى في تاريخ لشبونة يدفع المال لقاء لاعب شاب، ولكن هذه المرة وجدوا أنفسهم مجبرين على دفع مبلغ 27000 يورو كتسوية لديون كانت بذمة نادي ناسيونال لهم. وهكذا توصل الناديان إلى اتفاق وسيذهب رونالدو إلى لشبونة وحيداً لأن إمكانيات العائلة لا تسمح بالذهاب معه.
الوصول إلى لشبونة
وصل رونالدو الى نادي لشبونة في أغسطس/آب 1997. ويصف لنا الفصل الـ11 كيف أنه توجه إلى السكن في بالقرب من ملعب خوزيه الفالاد. دخل غرفته فوجد سريرين بطابقين، في أسفل الأول فابيو فيريرا والأعلى لـخوزيه سيميدو أما الثاني: ميغيل بيكساو وفي الأعلى سيكون رونالدو. أطلق عليه فابيو لقب روني بدلاً من رونالدو. تذكر رونالدو بكائه في المطار مودعاً والده ووالدته وشعر برغبة في الهرب والعودة إلى ماديرا. بعد يومين توجه إلى المدرسة وعندما ألقى التحية وعرفهم بنفسه ضحك الطلبة منه، شعر بغضب شديد وأراد النهوض من مكانه ليلقن كل واحد منهم درساً لن ينساه ولكنه تمالك أعصابه.أخبرهم من جديد أنه من ماديرا وأن كلامه ليس فيه شيء مضحك فأجابه أحدهم أن طريقته في الكلام هي المضحكة لم يحتمل رونالدو المزيد وحمل الكرسي ليطيح بالمهاجم وحينما شعر أن هناك حركة من خلفه التفت ورأى المدرس وراءه. صمت رهيب في الصف وتجمد رونالدو من الغضب، نبضات قلبه متسارعة وبالكاد يتنفس ودموعه في عينيه. أوقع الكرسي من يديه وفر مسرعاً إلى خارج المدرسة. ظل يركض والدموع تتقافز على وجهه حتى وصل الملعب، اتكأ إلى الجدار وانخرط في بكاء شديد. عندما دخل إلى غرفة الملابس واستجمع قواه وهدأ فاجأه كارلوس دياز، أحد مدربيه، بالقول:«أنت، روني، ابدأ بتنظيف الغرفة ورفع هذه المناشف القذرة».
لم يصدق رونالدو أذنيه فأجابه:«أنا ألعب لسبورتنغ لشبونة ولست خادماً لك». وبعد أن شرح له المدرب فلسفة العمل الجماعي داخل وخارج المستطيل الأخضر قرر معاقبته بالحرمان من لعب المباراة القادمة. ازدادت معاناة رونالدو وشعر بحزن أشد وغضب عارم، فجلس في زاوية ووضع رأسه بين ذراعيه وغط في صمت مطبق. حينها اقترب منه المدرب باولو كاردوسو، طلب منه رونالدو أن يعود إلى المنزل فهدأ من روعه وصارحه أنه سيواجه مثل هذه المواقف طوال حياته وعليه أن يعرف كيف يتعامل معها. ثم أخبره باولو أن لديه عمل له، سيقوم رونالدو كل أحد بالعمل كجامع كرات للفريق الأول لقاء 5 يورو لكل مباراة. ولكي يفرحه أكثر أبلغه أنه سيرسل تذكرة إلى أمه كي تحضر لقضاء بعض الوقت معه. بكى رونالدو مرة أخرى ولكن هذه المرة من شدة الفرح.
أصبح رونالدو ورفاقه في الغرفة جامعي كرات للفريق الأول. ونقرأ في الفصل الـ12 أنه في أحد الأيام وأثناء مباراة استعراضية خرجت الكرة من جهة رونالدو فأعادها بطريقة فنية إلى لاعب الفريق الأول الذي تسلمها ورفع إبهامه إلى الأعلى إعجاباً. وعند نهاية المباراة وقف جامعي الكرات في صفين متقابلين ومر لاعبو الفريق الأول من بينهم لمصافحتهم. فرح رونالدو كثيراً وقال لرفاقه:«هذه اليد لمست العظمة».
طلب رونالدو من رفاقه بكل جرأة أن يستمتعوا بالـ5 يورو التي استلموها هذا اليوم. خرجوا من النادي مسرعين وتوجهوا نحو محطة المترو ووصلوا إلى ما كانوا يحلمون به، مطعم بيتزا. اتفقوا على العودة مشياً على الأقدام وأثناء مرورهم بشارع تحفه الأشجار الكثيفة من الجانبين استوقفتهم عصابة تحمل عصي وحجارة. طلبت منهم العصابة إخراج ما يحملونه من نقود، همس فابيو في أذن رونالدو:«ماذا سنفعل؟» أجابه:«قف ورائي سأتعامل أنا معهم». قال رونالدو لأفراد العصابة:«تريدون المال، احصلوا على وظيفة».
غضب رئيس العصابة ووجه إصبعه نحوه ورفع البقية عصيهم فصرخ رونالدو برفاقه:«اهربوا» فركض الثلاثة باتجاه الملعب. ظل رونالدو متسمراً في مكانه ويسد قبضتيه بإحكام. توقفت العصابة عن الركض بعدما رأوا رونالدو واقفاً من دون حركة ولا خوف وقالوا له:«ما بك، لماذا لا تركض؟». كان رونالدو معتاداً على مثل هذه المواقف في ماديرا ولكن ليس أمام عصابات. رد عليهم قائلاً:«هيا تعالوا»وهو يصك على أسنانه وينحني ليلتقط حجراً كبيراً بحجم قبضة اليد. نظر أفراد العصابة أحدهم إلى الآخر باستغراب فقال قائدهم:«اتركوه، لا يستحق العناء» وعادوا أدراجهم. انتشرت قصة شجاعة رونالدو كالنار في الهشيم وسط مهاجع الفتية في أكاديمية شباب نادي لشبونة ولم يعد أحد يستهزئ بلكنته الغريبة.
لم يعد رونالدو يطيق المدرسة وفكر في تركها، كل ما يهمه هو كرة القدم والتدريبات ونادي لشبونة. يبدأ الفصل الـ13بغضب مدرسه ونهره لأنه تأخر مرة أخرى وأخبره أنه سيشتكيه إلى الإدارة. عاد رونالدو إلى غرفته ووجد والدته عند النافذة حزينة ومهمومة، حضرت لتنقل إليه خبرين غير سارين البتة. الأول أن أخاه قد تورط مع شلة من السيئين وأصبح لزاماً عليه دخول مصحة للتعافي. حزن رونالدو لسماعه هذا النبأ ولكنه عرف أن هناك خبراً آخر. أخبرته والدته أنها يجب أن تعود إلى ماديرا لرعاية العائلة كونهم بحاجة إليها. كتم رونالدو مشاعره وطمأنها أنه بخير،وأضاف:«كما أننا سنفوز بالبطولة وهذا يعني أننا سنقابل نادي ماريتومو». فرحت الأم كثيراً فذلك يعني أن رونالدو سيعود إلى جزيرة ماديرا حيث يلعب ماريتومو. بعد أسبوع كان جميع اللاعبين يتحلقون حول لوحة الإعلانات المثبتة عليها قائمة اللاعبين الذين سيشاركون في نهائي البطولة أمام ماريتومو. اندفع رونالدو فرحاً وفي رأسه صورة عائلته في المدرجات وأصدقائه ينظرون إليه بفخر والكأس التي سيرفعها أمام بلدته. وضع إصبعه على القائمة ونزل بها ليستعرض الأسماء حتى وصل الى النهاية من دون أن يجد اسمه. نظر إلى الجميع وقال:«اسمي غير موجود، لا بد أن هناك خطأ». عاد الكرة مرة ومرتين وأربع ثم استدار وركض، لم يرغب أن يشاهد الجميع دموعه. وصل لإدارة مركز التدريب ووجد اوريليو بيريرا واقفاً عند المدخل فجري بينهما هذا الحوار:«اسمي ليس في القائمة لا بد أن هناك خطأ»، «كلا، ليس هناك أي خطأ»، «ولكني أفضل لاعبيك كيف ستبعدني خارج المباراة؟»،«حسناً، لم يكن قراراً سهلاً ولكني حذرتك بخصوص المدرسة. أنت تتأخر دوماً وتغيب ولا تحترم مدرسيك وتشوش على الصف. أنت لا تهتم بالمدرسة لذلك استبعدناك. لا مدرسة يعني لا تلعب. لن تسافر معنا إلى ماديرا». «ولكن عائلتي..»، «عائلتك على علم بذلك فقد اتصلنا بهم. حان الوقت لتفكر فيما تفعله بنفسك». دخل المدرب مكتبه، وعاد رونالدو إلى الوراء وانهار على الجدار وراح يبكي بحرقة.
في الفصل الـ14 نكتشف وجود مشكلة في قلب رونالدو. بعد بضعة أشهر من فاجعة استبعاده من الفريق نقل رونالدو كرسيه من مؤخرة الصف إلى الوسط وأصبح نشيطاً في الحضور والإجابة واحترام الجميع. بيد أن هذا اليوم مخصص للفحص البدني لذلك سمح لهم المدرس بالانصراف مبكراً. عقب انتظار دام حوالي ساعة وصل الدور إلى رونالدو فدخل إلى غرفة بيضاء فيها سرير ومنضدة. فحصت الممرضة ضغط الدم عند رونالدو ثم فحص الطبيب عظامه وقال له:«ستكون طويلاً» فأجابه رونالدو:«ولكني طويل الآن». ضحك الطبيب ومد يده لفحص نبضه فبدت عليه علامات الضيق وقال له فجأة:«نبضات قلبك متسارعة جداً، سأطلب اختبارات إضافية». بعد أسبوع توجه رونالدو بسيارة بيريرا وطبيب الفريق إلى عيادة وسط لشبونة لإجراء فحص بجهاز الرنين. جلس بعدها رونالدو وبيريرا وطبيب الفريق في قاعة بانتظار النتائج. دخل عليهم الطبيب وهو يحمل صور التصوير المقطعي وقال:«حسناً، من الجيد أنكم أحضرتموه إلينا. اتنظروني هنا ؟ من المحتمل أن هذا عيب خلقي من الولادة». وضع رونالدو المجلة من يده وقفز بيريرا على قدميه منتفضاً ومستفسراً:«هل الأمر خطير؟» فأجاب الطبيب:«القلب مكان خطر دوماً. ولكن في هذه لحالة يمكن إصلاح العيب. سأحدد لكم موعد لإجراء الجراحة».
ارتعب رونالدو وقال«(هل سأموت؟ عمري 15 عاماً فقط». رد الطبيب:«ليس اليوم، ولكن بالمناسبة سأعالجك بالليزر». سأله بيريرا:«هل سيكون قادراً على اللعب مرة أخرى ؟»، فقال طبيب القلب:«بصراحة، لا أعرف».
نجحت العملية في قلب رونالدو وبدت وكأنها منحته محرك توربو جديد حيث تضاعفت سرعته داخل الملعب الذي عاد إليه بعد أسبوع.
وفي الفصل الـ15 يصل جوزيه مورينيو، مدرب بورتو آنذاك،مع مساعده إلى الملعب حيث يتدرب رونالدو فيتفاجأ الجميع. رغم مناوراته في البداية أعترف مورينيو لمدير فريق لشبونة أوغستو اناسيو أنه حضر لمشاهدة لاعبهم البالغ من العمر 15 عاماً، ويقصد بالطبع رونالدو. نصح مورينيو ان يصعد رونالدو للعب مع الفريق الأول بعد عام غير أن مدير النادي اعترض على لعب فتى بعمر 15 عاماً ضد من هم بعمر 18 عاماً وقال«سيأكلونه»، فرد مورينيو:«اذن عليك ان تجعله أقوى». اخذ اوغستو بنصيحة صديقه مورينيو وأشرك رونالدو في فريق تحت 16 عاماً وبعد أسبوعين فقط بدأ يلعب مع فريق تحت 17 عاماً عقب رؤية مهاراته التي لا تصدق وأهدافه. عجز كل لاعبي الفرق عن إيقافه فقرر مدير النادي أن يلعب فريق رونالدو مع فريق تحت 18 عاماً وفاز فريق رونالدو. في تلك المباراة أطلق عليه لقب جديد«أي تي»في إشارة للكائن الفضائي فأعجب رونالدو باللقب وشعر بالسعادة. بعد شهر كان رونالدو جالساً منهمكا بألعاب الفيديو فجاء احدهم وأعطاه مظروف أصفر ففتحه رونالدو ووجد فيه أكثر من 280 يورو. مبلغ كبير، لا بد ان هناك خطأ ما لذلك توجه رونالدو إلى محاسب النادي ليستفسر ما سبب كل هذا المال، وفي أثناء الحديث مر مدير النادي من أمام المكتب وسمعهما فدخل وقال مبتسماً:«سمعت ان روني يريد إعادة المال»ثم سأل رونالدو:«هل لديك وكيل؟»أجاب:«نعم، ولكن ما علاقة ذلك بي»،فرد المدير:لم يعد لك وكيل بعد الآن.
صعق رونالدو وظن أنهم يستغنون عنه، فرد عليه:«نعم نحن نستغني عنك ولكن لتذهب الى الفريق الأول». تجمد رونالدو في مكانه محاولة استيعاب ما يقول:«الفريق الأول؟»،«نعم وسنحرص على أن يكون لديك وكيل جديد واتصلت بالفعل بخورخي مينديز». أول ما فعله خورخي مينديز مع رونالدو إخراجه من سكن النادي إلى شقة وسط لشبونة. وفي 2001 وقع رونالدو أول عقد احتراف مع نادي لشبونة لأربع سنوات براتب شهري قدره 2000 يورو و20 مليون يورو شرط جزائي. أول ما فعله رونالدو بالمال أن أرسله الى عائلته، لعلاج أخيه في المصحة للمرة الثانية وكذلك لعلاج والده من الإدمان على الكحول.
لحظة تاريخية
لحظة تاريخية في حياة رونالدو نقرأها في الفصل الـ16. وصل فريق مانشستر يونايتد بقيادة الأسطورة فيرغسون إلى لشبونة للعب مع فريق رونالدو لمناسبة افتتاح ملعب جديد عام في صيف 2003. الكشافة في جميع أرجاء الملعب، ومساعد فيرغسون كارلوس كيروش كان مدرباً للشبونة في التسعينات وكان يتابع رونالدو منذ وقت طويل. والدة رونالدو ووالده، المريض، من بين الحضور ويتابعون المباراة من مقصورة كبار الشخصيات. سبب رونالدو الصداع لخط وسط مانشستر يونايتد ولكنه لم يتمكن من التسجيل بل تكفل لويس فيليب بتقدم سبورتنغ لشبونة بهدف ليصاب 50 ألف مشجع بالجنون. كان فيرغسون يتابع بشكل خاص رونالدو وتحركاته التي أعجبته كثيراً فهمس في أذن مساعده. في الاستراحة قال فيرغسون للمدير العام لنادي مانشستر بيتر كينيون:«لن نغادر الملعب اليوم من دون التوقيع مع هذا الفتى». وفي الشوط الثاني سجل لشبونة هدفين إضافيين، أحدهما بمساعدة رونالدو، لتنتهي المباراة 3-1. في طريق العودة بالطائرة اقترب فيرغسون من لاعب الوسط جون اوشيا وقال له:«أتريد حبة دواء لمعالجة الدوار الذي سببه لك رونالدو اليوم؟»، أجابه:«في الحقيقة لقد صوتنا جميعا على قرار»،«صوتم؟ على ماذا ؟ أنا المدير هنا»قالها فيرغسون متعجباً، فرد جون اوشيا:«صوتنا على أننا نريد رونالدو في الفريق». ابتسم فيرغسون ونظر إلى مساعده لأنه يعلم أن القرار قد اتخذ بالفعل. بعد ذلك اليوم بقليل اجتمع فيرغسون وبيتر كينيون برونالدو ووكيل أعماله ثم أرسلوا للاعبهم الجديد طائرة خاصة لإحضاره الى مانشستر يونايتد. وافق لشبونة على بيع رونالدو إلى مانشستر يونايتد بمبلغ يزيد على 12 مليون جنيه إسترليني.
دخل رونالدو على مكتب فيرغسون في مانشستر يونايتد مع مساعد فيرغسون الحاضر للترجمة لأن الفتى البرتغالي لا يتحدث الإنجليزية بعد. يستعيد لنا الكاتب في الفصل الـ17 كيف قال فيرغسون لرونالدو أن عليهم اختيار رقم قميص له فأراد رونالدو رقم 28 الذي كان يلعب به مع لشبونة. ابتسم فيرغسون واخرج من درج مكتبه قميصاً مطبوعاً عليه اسم رونالدو ورقمه ورماه إلى رونالدو، كان الرقم 7. اندهش رونالدو وقال:«7، ولكنه رقم بيكهام»، ورد فيرغسون:«وبيري وبيست وكوبل وروبسون وكانتونا، والآن هو لك. هل ترفضه؟». رد رونالدو:«كلا سيدي، وهل أنا مجنون؟ ولكن أرجو أن استحقه». بعد ثلاثة أيام ارتدى رونالدو الرقم 7 للمشاركة للمرة الأولى مع مانشستر يونايتد ضد فريق بولتون وهي أول مشاركة للاعب برتغالي مع النادي. نفذ صبره وهو جالس على الدكة بانتظار استدعائه، حتى تحقق له ذلك في الدقيقة 60 ونصحه فيرغسون قبل دخوله:«إنهم متعبون يا بني، اذهب وافتح ثغرة في دفاعاتهم». كانت النتيجة 1-0 لصالح اليونايتد وتحمس الجمهور كثيراً لسماع اسم رونالدو ورؤية ما سيفعله أغلى لاعب شاب في العالم. ظل لاعبو بولتون يمارسون خشونة وقسوة ضد رونالدو بالتحديد ولكنه مع ذلك نجح في تمرير الكرة إلى رايان غيغز ليسجل الثاني، كما تكفل كل من بول سكولز و فان نستلروي في تسجيل اثنين آخرين لتنتهي المباراة عند 4-0 لصالح اليونايتد. عند انتهاء المباراة وقف الجمهور لتحية الوافد الجديد رونالدو، فقال فيرغسون لمساعده:«يبدو أنه أصبح للجمهور بطل جديد».
ألم رونالدو
نكون في الفصل الـ18 أمام لحظة رحيل مساعد فيرغسون (كارلوس كيروش) نادي يونايتد ومدى الألم الذي شعر به رونالدو لان هذا الرجل كان قريباً منه ومحطة شكواه وأيضاً لأنه كان مترجمه وحلقة التواصل مع النادي. رشح كارلوس لرونالدو مترجماً آخر هو البرازيلي فرانسيسكو فيليو، مدرب فريق شباب اليونايتد ولكنه نصحه ان يتعلم الإنجليزية فوراً. عرف رونالدو أن كارلوس يرحل لتسلم منصب جديد هو مدير فريق ريال مدريد، فصمت قليلاً وكأن حدث جلل وقع له وسيناريو حياته يمر أمام عينه فقال له:«أتعلم أني لطالما حلمت منذ الصغر أن ألعب لريال مدريد؟»فرد عليه:«ومن لا يريد ذلك؟». ابتسم رونالدو متذكراً جده الذي كان يقول العبارة نفسها. وفي اليوم التالي تقع لحظة تاريخية أخرى في حياة رونالدو، يستدعيه لويس سكولاري للانضمام لمنتخب البرتغال في مباراته الودية أمام كازاخستان. سمع فيرغسون فرفع سماعة الهاتف واتصل بسكولاري محذراً من إنهاك فتاه الأعجوبة قائلاً:«أنا لا أمزح، لا تفسد خططي له، لا تعبث بها». بعد ثلاثة أيام كان لويس فيغو وروي كوستا يقفان إلى جانب رونالدو بغرفة الملابس لإسداء النصائح له. لم يصدق رونالدو عينيه وهو بحضرة هذين النجمين الكبيرين، شعر بسعادة بالغة وهو يستمع لهما. في بداية الشوط الثاني دخل بديلاً لـلويس فيغو الذي همس بأذنه:«كن هادئاً»وخرج. في تلك الليلة، بعد المباراة، كان رونالدو واقفاً أمام الفندق بانتظار السيارة التي ستقله إلى المطار عائداً إلى مانشستر. اقترب منه سكولاي وناوله صحيفة وطلب منه قراءة ما فيها. فتح رونالدو صفحة الرياضة وشاهد صورته وبجوارها عبارة«أفضل لاعب في المباراة». بعد عودته إلى إنجلترا، لعب رونالدو 39 مباراة أخرى في ذلك الموسم وسجل ثمانية أهداف وساهم في فوز اليونايتد بكأس الاتحاد الإنجليزي للمرة الأولى منذ 4 سنوات.
وفاة الأب
نقل سكولاري خبر وفاة والد رونالدو الى لاعبه أثناء وجودهم داخل فندق في روسيا تمهيداً لخوض مباراة في اليوم التالي ضمن تصفيات كأس العالم 2006. يروي لنا الكاتب في الفصل الـ19 كيف استدعى سكولاري رونالدو على عجل إلى غرفته وكان معه لويس فيغو وروي كوستا وأخبره أن والده توفي في مستشفى بلندن. بعد عبارات المواساة من جانب الجميع،أخبر سكولاري رونالدو أنه سيرسله بسرعة إلى لندن للوقوف إلى جانب العائلة. صمت رونالدو قليلاً وقال:«كلا، سألعب المباراة تكريماً لروح والدي». بعد ثلاثة أيام وصل رونالدو إلى جزيرة ماديرا على متن طائرة خاصة. توجه إلى حيث مراسم التشييع وكان بانتظاره على جانبي الطريق آلاف المشجعين، وحينما وصل إلى هناك وجد جميع العائلة والأصدقاء وسكولاري. تذكر رونالدو موت والده بسبب الخمر وقسم بألا يتذوقه أبداً، وتذكر وقوف والده إلى جانبه رغم فقرهم ومعاناته وكيف انه حاول ان يساعده ولكن الأموال لا تشتري كل شيء. عاد رونالدو من جديد إلى مانشستر يونايتد ولعب له خمسة مواسم أخرى سجل 118 هدفاً في 292 مباراة. كانت عائلته بجانبه دوماً لذلك قال:«إذا لم تكن عائلتي بخير فأنا أيضاً لن أكون بخير».
في 2008 ساعد الفريق على الفوز بلقبي دوري أبطال أوروبا والبريميرليغ وحصل في ذلك العام على أغلى جائزة ينالها أي لاعب، الكرة الذهبية.ولكن رغم هذا التكريم وكلمات الثناء والمديح من جانب فيرغسون على لاعبه المفضل، قرر رونالدو الرحيل إلى ريال مدريد.
اتصل (كارلوس كيروش) بالمدرب فيرغسون ودعاه للحضور إلى منزل رونالدو في البرتغال. الأمر جاد جداً. في غضون ساعتين فقط حجز فيرغسون للرحلة ثم وصل ودق على باب منزل رونالدو الذي فتح له وهو منبهر من رؤيته فجأة واقفاً أمامه. سأله رونالدو:«ما الذي جاء بك أيها المدرب؟ أخبرت كارلوس عن ريال مدريد منذ 3 ساعات فقط». جلس رونالدو إلى جوار فيرغسون وجرى بينهما الحوار التالي، قال رونالدو«يعرض رامون كالديرون، رئيس الريال، مبلغاً كبيراً لضمي حالاً»، أجاب فيرغسون«اعلم ان هذه رغبتك وأنك كنت تحلم دوماً باللعب للريال. نحن ممتنون للمواسم الخمس التي قضيتها معنا»، فرد «سيدي، اًذا كنت لاعباً فذلك بفضل اليونايتد. سأظل إلى الأبد ممتن لك وأريد أن افعل الشيء الذي يناسبك»، وقال فيرغسون«صحيح أننا جعلناك اللاعب الذي أنت عليه اليوم ولكن هذا جزء من القصة. لقد جلبت إلينا يا رونالدو الإثارة التي كنا بحاجة إليها وجلبت أيضاً التعبير عن الذات الذي افتقدناه منذ مواسم قليلة. أعرف لماذا يريدك كالديرون، أعرف أنه يريد أن يروج للعالم أنه قريباً ستلعب لريال مدريد. يريدون ان يدفعوا لك أكبر مبلغ دفع للاعب في تاريخ الكرة لأنهم يريدون إيصال رسالة واحدة وهي ان ريال مدريد هو الأفضل في العالم. ولكن كل ذلك بشروطهم، وإذا سمحت لهم بفعل ذلك فسيكون على حساب شرفي وسأتخلى عن كل شيء ولا يهمني إذا بقيت انت مركوناً على جنب. أعرف أنه لن يصل الأمر إلى هذا الحد ولكن أريد فقط ان أقول لك إنني لن أتركك تغادر هذا العام. هل تفهم ما أقوله؟ الأمر يتعلق بالاحترام». رد رونالدو:«نعم افهم بالضبط ما تعنيه. بسبب الطريقة التي تصرف بها كالديرون تريد ان تقول، أفضل أن أطلق النار عليك على أن أبيعك له». ضحك بعدها رونالدو وقال:«لا اضحك لأنك تمزح بل لاني أعرف من أنت. سيدي، أريد أن أقول لك ان ما فعلته لأجلي لا يصدق ولن أنسى ذلك ما حييت. عندما وصلت إلى مانشستر وعمري 18 عاماً كنت بمثابة الأب لي في كرة القدم. منحتني العديد من الفرص وعلمتني الكثير من الأشياء. أتذكر كيف قلت لي ان استحق الرقم 7 لأني استحق ذلك واني لاعب مذهل.... ستكون على الدوام الرقم واحد في كتابي».
ورد فيرغسون:«أريدك أن تعرف يا رونالدو أنك أفضل لاعب موهوب دربته في حياتي. لقد تخطيت جميع الكبار الذين دربتهم وهم كثر». تعانق الاثنان، ولعب رونالدو موسماً سادسا لليونايتد قبل ان يأتي فلورنيتنو بيريز رئيساً لريال مدريد ويشتري رونالدو بسعر هو الأغلى في تاريخ كرة القدم، وبعد مواسم تاريخية في الفريق الملكي انتقل رونالدو إلى يوفنتوس ومنه عاد إلى مانشستر يونايتد ثم انتقل إلى النصر.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق