بين وعود الانتعاش ومخاطر الركود - ميديا سبورت

0 تعليق ارسل طباعة حذف

ريك نيومان*

في عام 2024، ترشح دونالد ترامب للرئاسة الأمريكية، ووعد بخفض الأسعار وإنهاء التضخم الجامح الذي اجتاح حقبة جو بايدن. ولكنه الآن، وبعد أن تولى منصبه رسمياً، يتصارع مع نفس الخطوتين اللتين تركتا سلفه في حيرة من أمره.
من ناحية، تُظهر بعض المؤشرات أن ضغوط التضخم آخذة في الانخفاض وقد لا تمثل مشكلة بعد 12 شهراً من الآن. ومن ناحية أخرى، يشعر بنك الاحتياطي الفيدرالي بالقلق بشأن عودة التضخم، وقد أوقف دورة خفض أسعار الفائدة بعد أربعة أشهر فقط.
ومن بين مخاوفهم ترامب نفسه، الذي قد يسهم في ارتفاع التضخم من جديد عبر التعريفات الجمركية التي تزيد تكلفة الواردات، وملف ترحيل المهاجرين، ما قد يدفع تكاليف العمالة إلى أعلى مستوياتها.
باستطاعة الرئيس الأمريكي التخفيف من هذه المخاوف، لكنه يختار الآن عدم القيام بذلك. ويبدو أنه عازم على استخدام الأشهر القليلة الأولى من رئاسته لترسيخ شعار «أمريكا أولاً» بشكل أكبر، في حين يسمح لمخرجات التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضها، والترحيل الجماعي، بالسيطرة على الأسواق.
صحيح أن ترامب لم يُصدر تعريفات جمركية جديدة كجزء من أجندته في اليوم الأول أو الأسبوع الأول لتوليه السلطة، لكنه أصر على أنها قادمة، على كندا والمكسيك أولاً، ثم الصين وشركاء تجاريين آخرين. وصحيح أيضاً أن جهوده في ملف الترحيل حتى الآن كانت مجرد استعراض قوة أكثر من كونها جوهرية، لكن مسؤولي الهجرة يقولون إنها بدأت للتوّ.
وبالتالي، يأخذ المستثمرون في الحسبان مخاطر التصعيد. ففي اجتماعه في يناير/كانون الثاني، لم يُجر الفيدرالي أي تغيير على أسعار الفائدة قصيرة الأجل، مشيراً إلى أن «التوقعات الاقتصادية غير مؤكدة» وبدا أكثر تشدداً بشأن التضخم مما كان عليه في ديسمبر/كانون الأول.
وقد فسّر مراقبون ذلك على أنه إشارة إلى مخاوف جديدة بشأن سياسات ترامب التضخمية. وذكرت «كابيتال إيكونوميكس» مؤخراً، أن احتمالات الخفض قبل منتصف العام تتراجع. وإذا لم يتحرك الاحتياطي الفيدرالي سريعاً، فمن المحتمل أن يؤدي انتعاش التضخم المرتبط بالتعريفات الجمركية من منتصف العام فصاعداً إلى إبقاء المركزي على الهامش في المستقبل المنظور. وتتوقع الشركة أن يكون لسياسات ترامب تأثير تضخمي ركودي معتدل، من شأنه أن يدفع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 2.5% في عام 2024 إلى أقل من 2% بحلول النصف الثاني من عام 2025.
وأظهر أحدث استطلاع شهري لمنظمة «كونفرنس بورد»، توقع نسبة كبيرة من المستهلكين أن يقفز التضخم، الذي يبلغ حالياً 2.9%، إلى 5.3% بعد عام من الآن. وهذا يتماشى مع استطلاعات جامعة ميشيغان التي أظهرت نفس النتائج تقريباً جرّاء تعريفات ترامب. ولفتت المنظمة أيضاً أن الثقة انخفضت إلى أدنى مستوى لها في أربعة أشهر، مع قلق الأمريكيين المستمر بشأن تشديد سوق العمل.
منذ عام 2022 فصاعداً، كان على بايدن التعامل مع التضخم المزعج الذي أثقل كاهل الأمريكيين بشأن الاقتصاد العام، على الرغم من أن التوظيف كان قوياً، ومعظم المؤشرات الأخرى كانت قوية أيضاً. وظل الناخبون متشائمين بشأن الاقتصاد طوال يوم الانتخابات في نوفمبر الماضي، على الرغم من أن معدل التضخم انخفض بأكثر من 6 نقاط بحلول ذلك الوقت. ويلاحظ الكثير من الأمريكيين، أنه رغم انخفاض معدل التضخم، فإن أسعار كثير من السلع اليومية التي استقرت عند مستويات جديدة أعلى، من المرجح أن تكون دائمة!
اليوم، يرث ترامب اقتصاداً على أسس جيدة، ووفقاً لجو بروسويلاس، كبير خبراء الاقتصاد في «آر إس إم»، كانت أحدث البيانات عن الدخول والإنفاق الاستهلاكي «قوية في جميع المجالات»، وتستمر مكاسب الوظائف في تجاوز التوقعات.
لكن نعود لمشكلة التضخم. حيث أظهر أحدث إصدار ارتفاعاً طفيفاً من نوفمبر إلى ديسمبر، مع ثلاثة أشهر متتالية من الصعود بدلاً من التراجع نحو هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. صحيح أن المعدل ليس بذاك الارتفاع، لكنه يسير في الاتجاه الخاطئ.
وليس من المستغرب أن يشعر ترامب بالاستياء من قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأخير بتثبيت أسعار الفائدة، فهو يريد أسعاراً منخفضة أكثر لتحفيز الاقتصاد تحت إشرافه، ولأجل ذلك انتقد الرئيس الأمريكي البنك المركزي لفشله في السيطرة على التضخم وأعلن نفسه المنقذ.
وكتب ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي: «سأفعل ذلك من خلال إطلاق العنان لإنتاج الطاقة الأمريكية، وخفض القيود التنظيمية، وإعادة التوازن إلى التجارة الدولية، وإعادة تنشيط التصنيع المحلي». ولا شك أن الأسواق ستحب هذا، وكل ما تحتاج إليه هو أن ترى ذلك يحدث أمامها.
* كاتب عمود في «ياهو فاينانس»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق