المناطق_واس

استعادت ذاكرة عشاق المستديرة ومتابعي الدوري السعودي للمحترفين الإثارة الكبيرة التي شهدتها منافسة ثنائية بين المهاجم السوري عمر السومة المستمر حتى هذا اليوم في ذات الدوري المهاجم المغربي عبدالرزاق حمدالله، على رقمٍ قياسيٍ سيسجله تاريخ هذا الدوري الأهم إقليميًا، يتمثل في صاحب أكبر عدد أهداف في تاريخ المسابقة، وذلك بعودة المهاجم السوري (السومة) للعب في الدوري السعودي عبر بوابة نادي العروبة، ومع استمرار المغربي (حمدالله) في قيادة هجوم الشباب الفريق السعودي الثالث الذي يلعب لشعاره بعد النصر والاتحاد.

ذلك السباق الثنائي بين المهاجمين الهدافين بلغ ذروته وأقصى مراحل نديته واحتدامه في موسم 2021 – 2022، أيّ مع آخر هدف سجله عمر السومة إبّان كان قائدًا لهجوم النادي الأهلي، وتحديدًا في الـ 18 من مارس 2022، في المباراة التي حل فيها الأهلي ضيفًا على الهلال بالرياض، وفيها كان الهلال قد تقدم بثلاثية النيحيري أوديون إيغالو، قبل أن يعيق لاعب الوسط الهلالي غوستافو كويلار مهاجم الأهلي هيثم عسيري داخل المنطقة المحرّمة، نال بها الأهلي ركلة جزاء نفّذها عمر السومة بإتقان، محرزًا به هدفه الشخصي التاسع في شباك الهلال في مواجهاتهما بالدوري، وانتهت تلك المباراة بخسارة الأهلي 4 – 2.

في ذات الأثناء، وفي مباراة أخرى تلعب لحساب نفس الجولة الـ 25 من دوري ذلك الموسم، كان المغربي عبدالرزاق حمدالله يحتفل في جدة مع رفاقه في الاتحاد آنذاك بالانتصار على الحزم 3 – 0، إذ كان نصيب المهاجم المغربي منها هدفين، عزّز بها الاتحاد من صدارته بعد تلك المباراة بوصوله للنقطة 60 وبفارق 11 نقطة عن الهلال، قبل أن يحدث الأخير ثورة في الجولات الـ 5 الأخيرة ويخطف لقب هدّاف الدوري في ذلك الموسم، مستفيدًا من فارق مباراتين لصالحه.

وبعد نهاية تلك المباراتين في جدة والرياض، كان السومة هو صاحب الرقم القياسي تهديفيًا في عمر مسابقة الدوري السعودي، بعد أن توقف عند هدفه الـ 144، وقبل رحيله إلى الدوري القطري في الموسم التالي، أما حمدالله حينها كان قد رفع رصيده التهديفي بثنائية في مرمى الحزم إلى 87 هدفًا، الأمر الذي جعله لا يشكل تهديدًا قريبًا لصاحب الرقم القياسي.

في الجولات الـ 5 الأخيرة من موسم 2021 – 2022، كان قد لعب السومة كامل الدقائق في 3 مباريات، أمام الباطن والرائد والشباب، خلاف الدقائق الـ 21 الأخيرة من مباراة الأهلي وأبها، التي حل بها بديلًا عن أيمن يحيى، ولم يستطع فيها جميعًا إضافة شيء إلى رصيده، وليتوقف بذلك الرقم القياسي لعدد الأهداف عند (144 هدفًا) وليظل كذلك لنحو 1057 يومًا دون حراك، لأن حمدالله في تلك الجولات الـ 5 الأخيرة، لم يسجل سوى هدفين فقط في مرمى فريقي الفتح والاتفاق، ولم يكن ذلك كافيًا للحفاظ على صدارة فريقه.

الموسم التالي 2022 – 2023 واصل عبدالرزاق حمدالله رحلته الخاصة نحو كسر الرقم القياسي القديم وتدوين رقم جديد باسمه، لذا كان قد عقد العزم على تعويض الاتحاديين، وذلك عبر تقديم مساهمته العالية نحو تحقيق فريقه للقب الدوري، مع تسجيله 21 هدفًا اعتلى بها صدارة الهدافين في ذلك الموسم 2022-2023، وليبلغ بذلك في رصيده التهديفي العام للمسابقة 110 أهداف، رغم ترجّل السومة عن صهوة جواده قبل ذلك الموسم، إذ لعبه في محطة أخرى ودوري آخر تاركًا لنفسه إرثًا كبيرًا ورقمًا قياسًا حفظه له تاريخ الدوري السعودي.

ولأن الدوري السعودي للمحترفين يتمتع بقيمة طالما امتلكها، تتمثل في تطوره المستمر والكبير من عام لآخر، كان موسم 2023 – 2024 يمثل حقبة تاريخية ومرحلة جديدة يعيشها هذا الدوري، الذي استطاع في ذلك الموسم أن يكون محطة عالمية جديدة لأبرز نجوم العالم، الذين توافدوا للعب للأندية السعودية المتنافسة في هذا الدوري، على غرار الفرنسي كريم بنزيما الذي أعلن الاتحاد التعاقد معه مطلع يونيو 2023، ليمثل ذلك لحظة جديدة وتحديًا جديدًا سيخوضه كل لاعبٍ يجعل من الرقم القياسي الذي يحتفظ به عمر السومة هدفًا له، وكان التساؤل عندها منطقيًا حول قدرة المهاجم المغربي على الثبات هدافًا، وسط كوكبة من النجوم في جميع المراكز ولدى المنافسين كافة.

عندها بات الوقت هو من يجيب عن ذلك التساؤل بكل بساطة، فمع خسارة حمدالله لصدارة الهدافين في ذلك الموسم 2023 – 2024 لصالح البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد النصر، الذي تسبب أيضًا في خسارة حمدالله لرقمه القياسي للهداف الأعلى تهديفيًا في موسم واحد من الدوري البالغ 34 هدفًا والمسجل باسمه منذ موسم 2018 – 2019 إبّان كان لاعبًا بقميص النصر، بعد أن سجّل رونالدو 35 هدفًا في موسم 2023 – 2024؛ لكن حمدالله كان حينها هداف الاتحاد بـ 19 هدفًا وثالث هدافي الدوري بعد كرستيانو رونالدو والصربي ألكساندر ميتروفيتش مهاجم الهلال، وهي الأهداف التي رفعت رصيده التهديفي في الدوري السعودي للمحترفين إلى 129 هدفًا، كان آخرها في مرمى الشباب، الذي أصبح اليوم يدافع عن شعاره وفريقه الثالث في دوري روشن السعودي بعد النصر والاتحاد.

في الـ 12 من يناير الماضي، بعد يومين من خوض حمد الله مباراته التاسعة بقميص الشباب، أعلن العروبة تعاقده مع عمر السومة، عشية اليوم التالي لخسارتهم من الهلال 5 – 0، وليكون ذلك الإعلان بمثابة إعلان آخر مهم باستئناف السباق الثنائي بين اللاعبين، وتمكين المهاجم الهداف عمر السومة من فرصة الدفاع عن رقمه القياسي، الذي يبدو أنه ما كان قادرًا على الصمود أمام تألق حمدالله واستمراره في كسب مواجهاته الخاصة مع حراس الفرق المنافسة، إذ كان فارق الأهداف قد وصل بين اللاعبين لحظة الإعلان عن تلك الصفقة إلى 10 أهداف فقط.

هذا الفارق البسيط في عدد الأهداف بين السومة وحمدالله جعل لحظة إعلان العروبة عن عودة السومة، بداية جديدة واستئناف لإحدى أقوى قصص الإثارة والتشويق التي يزخر بها الدوري السعودي للمحترفين طوال تاريخه، وكانت جماهير المستديرة ومتابعو دوري روشن السعودي 2024 – 2025، منتظرين مشاهدة السومة داخل الملعب بقميص العروبة في الجولة الـ 15، إلا أن مشاركته تأخرت جولتين، أي حتى الجولة الـ 17 في مباراة لفريقه مع مستضيفه التعاون، والتي انتهت بالتعادل السلبي بدون أهداف، مما جعل أنظار المتابعين للدوري في اليوم التالي لتلك المباراة متوجهًا للعاصمة الرياض، حيث كان حمدالله قد سجل لفريقه الشباب هدفين في مرمى ضيفه الفيحاء، ومواصلًا بهما وتيرته التهديفية؛ إذ سجل قبلها هدفًا في شباك الرياض في مباراة لحساب الجولة الـ 15، وسجل بعدها أيضًا في مباراة الاتفاق هدفًا آخر، مقلصًا بذلك الفارق بينه وبين السومة إلى 6 أهداف فقط، قبل الجولة السابقة.

وفي الجولة الـ 19، استمر حمدالله في تسجيل الأهداف بأول هاتريك له هذا الموسم، مزعزعًا به أركان فارق الأهداف مع السومة، لأن حمدالله استطاع تسجيل 54 هدفًا بعد آخر أهداف عمر السومة الذي كان في مرمى حارس الهلال السابق عبدالله المعيوف في 2022، ودون إضافة السومة لأي هدف منذ ذلك الوقت، فأمسى بينهما 3 أهداف فقط قبل يوم واحد من مباراة العروبة والوحدة، ضمن الجولة نفسها، مما حرّك الذاكرة التهديفية لصاحب الرقم القياسي (عمر السومة)، فسجل هدفين في مباراة الوحدة، ولتكون تلك ثنائيته الـ 28 عبر تاريخه مع الدوري السعودي للمحترفين، ثم أضاف هدفًا جديدًا في الجولة 20 الماضية في شباك الخلود، ليوسع الفارق من جديد إلى 5 أهداف، ويرفع من الرقم القياسي المعني بهذا الشأن.

هذا الرقم القياسي للأهداف في الدوري الذي تحرك أخيرًا، قبل قرابة الشهر فقط من الذكرى السنوية الثالثة لبلوغه 144 هدفًا، وذلك بإضافة 3 أهداف له، من صاحبه الهدّاف عمر السومة، رافعًا إياه إلى 147 هدفًا، وليجعل الـ 14 جولة المتبقية لفريقي العروبة والشباب، مسرحًا للتوقعات وبابًا مشرّعًا على مصراعيه بين السومة وحمدالله في سباقهما نحو تسجيل تاريخ جديد مع الرقم القياسي لهداف الدوري السعودي للمحترفين.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط