مع الشروق : العدالة الاجتماعية مفتاح النمو - ميديا سبورت

0 تعليق ارسل طباعة حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : العدالة الاجتماعية مفتاح النمو - ميديا سبورت, اليوم الخميس 20 فبراير 2025 10:35 مساءً

مع الشروق : العدالة الاجتماعية مفتاح النمو

نشر في الشروق يوم 20 - 02 - 2025

2344710
مرّ احتفال تونس مع سائر دول العالم أمس الخميس 20 فيفري باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية وسط تواصل انتظارات التونسيين لتحقيق عدالة اجتماعية كاملة وشاملة تعطي الحق للجميع دون استثناء في حياة كريمة قوامها الاستقرار المالي الفردي والسعادة الاجتماعية والتطور المعيشي والحق في الشغل وفي خدمات عمومية راقية وفي مجموعة أخرى من الحقوق الاجتماعية التي نص عليها الدستور. فلا عدالة اجتماعية دون التقليص من نسب الفقر والبطالة والأميّة ودون أجور ومداخيل تضمن العيش الكريم ودون تمكين الفئات الضعيفة والهشّة من نصيبها من الثروة ودون مساواة بين الجهات في التنمية ودون توفير مرافق عمومية متطورة في المجالات الاجتماعية الحساسة أبرزها الصحة والتعليم والنقل.
والعدالة الاجتماعية التي يدعو رئيس الجمهورية قيس سعيد باستمرار الى تحقيقها كانت مفتاحا لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي في عديد الدول، غير أنها مازالت تواجه في بلادنا عديد الصعوبات نتيجة عدة عوامل. فتقلبات السنوات الفارطة خاصة بعد سنة 2011 أبطأت النمو الاقتصادي وأربكت الاستقرار المالي للبلاد وهو ما جعل الدولة تفتقر للأدوات المالية والاقتصادية لصناعة العدالة الاجتماعية وتجد صعوبات عديدة لتحقيقها. وبعض التشريعات البالية التي يعود بعضها إلى عهد الاستعمار وعهد البايات يمثل حائلا دون تحقيق العدالة الاجتماعية. وما يحدث أحيانا من فوضى وتجاوزات وخرق للقوانين من قبل بعض الأطراف النافذة اقتصاديا وماليا يربك جهود الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية.
تحتاج العدالة الاجتماعية إلى أدوات مالية واقتصادية لا مفر منها حتى يتسنى تحقيقها فتعود بالنفع مجددا على الوضعين الاقتصادي والاجتماعي. فهي تحتاج تثمين الثروات المتاحة وحمايتها من الضياع وسوء الاستغلال والانفراد باستغلالها من طرف مجموعة ضيقة. وتحتاج أيضا الى خلق ثروات جديدة لتقوية الناتج القومي، وتحتاج كذلك الى ثورة تشريعية للقطع مع النصوص البالية والمعطلة للنمو، وتحتاج بالخصوص إلى إدارة قوية قادرة على الإصلاح وعلى الصرامة في تطبيق القانون للقطع مع كل أشكال اللامساواة والتمييز وقادرة على ضمان التوزيع العادل للثروات دون حيف او ظلم وعلى القطع مع ممارسات سابقة كانت تتيح لفئات دون غيرها الاستفادة بالنصيب الأوفر من الثروات الوطنية..
من غير المعقول ان يرزح اليوم كثيرون تحت عتبة الفقر في حين ينعم آخرون بأغلب ثروات البلاد التي من المفروض ان يشترك فيها الجميع، بما في ذلك مواطن الشغل وموارد الرزق. ومن غير المقبول أن يدفع أصحاب المداخيل المتوسطة والضعيفة ضعف الضرائب التي يدفعها أصحاب المداخيل المرتفعة.. ومن اللاعدل ان يتقاضى الجزء الأكبر من الطبقة النشيطة أجورا ضعيفة في حين تتقاضى الأقلية المتبقية أجورا مرتفعة تضاهي عشرات أضعاف ما تتقاضاه الأغلبية.. ومن غير المقبول ان تستفيد بعض الجهات في البلاد دون غيرها من المشاريع التنموية والاستثمارية أو ان يتساوى الفقير والعاطل عن العمل وصاحب المداخيل المتوسطة مع الغني وصاحب الثروات الطائلة أمام أسعار المواد المدعومة من الدولة..
وقد خطت تونس في الفترة الأخيرة بعض الخطوات المهمة في سبيل مزيد دعم العدالة الاجتماعية. فرئيس الدولة دعا مؤخرا إلى أن يُبنى قانون المالية على تحقيق العدالة الاجتماعية. كما تم إحداث صندوق خاص للتأمين على فقدان مواطن شغل وآخر للحماية الاجتماعية للعاملات في القطاع الفلاحي وإحداث خطوط تمويل خاصة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخصوصية لبعث مشاريع والإذن بالقطع مع أشكال التشغيل الهش. غير ان ذلك يظل في حاجة إلى خطوات أخرى أهمها في مجال التشريعات التي يجب أن تأخذ من هنا فصاعدا العدالة الاجتماعية بعين الاعتبار، خاصة التشريعات الجبائية والمالية والمتعلقة بالأسعار والدعم والأجور ، مع إعادة النظر في التشريعات القديمة التي تقف اليوم حائلا أمام تحقيقها، ولم لا إحداث هيكل عمومي تكون مهمته التنسيق مع مختلف هياكل الدولة في مجال العدالة الاجتماعية لضمان أوفر الحظوظ لتحقيقها.
فاضل الطياشي

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق