ضوابط رأس المال الأمريكي - ميديا سبورت

0 تعليق ارسل طباعة حذف

مايك دولان *

لطالما كانت حواجز الاستثمار من المحرمات بين صناع السياسات في الولايات المتحدة، لمجرد أن ذكرها قد يثير الذعر في أكبر سوق مالية في العالم. لكن فكرة فرض الضرائب على الاستثمار الداخلي، أو إحباطه، أصبحت الآن محل نقاش علني من قبل المستثمرين. وذلك مع إعادة صياغة جميع القواعد وفقاً لأجندة دونالد ترامب الاقتصادية الشاملة، أو الكلية، التي تستند إلى حسابات التجارة الدولية والتنافس الصفري.
فإذا كانت الولايات المتحدة تعاني من عجز كبير ومزمن في السلع، كما يعتقد البعض، فإن ذلك لا بد أن يكون بسبب خفض الشركاء التجاريين قيمة عملاتهم مقابل الدولار بشكل منهجي للحد من التعاملات التجارية الأمريكية، وقمع استهلاكهم المحلي، وبالتالي سرقة وظائف التصنيع الأمريكية. ثم تعيد هذه البلدان استثمار المدخرات التي خلقتها هذه الفوائض التجارية الضخمة في الأصول الأمريكية، وهو ما يدفع قيمة الدولار إلى الارتفاع، ويخفض تكلفة رأس المال في الولايات المتحدة، ويمكّن الأمريكيين من استهلاك المزيد من السلع الأجنبية.
تُعد الرسوم الجمركية على الواردات، سلاح ترامب الاقتصادي المفضل خلال شهره الأول في المنصب، إحدى الطرق للرد على هذه الإهانة العالمية المتصورة للعمال الأمريكيين. ولكنْ هناك وجه آخر واضح لهذه النظرة يتمثل بالعجز الكبير والمتزايد في الحساب الجاري الأمريكي، والذي يلتقط تدفقات التجارة الصافية في السلع والخدمات، فضلاً عن صافي دخل الاستثمار، لابد أن يقابله فائض مساوٍ في الحساب الرأسمالي ومعاكس للميزانية الدفترية للدولة.
وكانت هذه الفوائض الرأسمالية التراكمية تدفع الدولار إلى الارتفاع لسنوات، ما أدى إلى تنشيط محافظ الأسهم الأمريكية وخفض تكلفة رأس المال للشركات الأمريكية. وفي آخر إحصاء، بلغ صافي موقف الاستثمار الدولي، أو صافي الحيازات الخارجية من الأصول الأمريكية مطروحاً منها ملكيات الولايات المتحدة للأوراق المالية غير الأمريكية، 23.6 تريليون دولار، وهو رقم مذهل، أي ما يقرب من 80% من الناتج المحلي الإجمالي السنوي للولايات المتحدة.
وكما كتب كيت جوكس من «سوسيتيه جنرال» مؤخراً: «لا يحب الرئيس ترامب حجم العجز التجاري الأمريكي، ولكن هل سيكون سعيداً برؤية المدخرات التي تموّل هذا العجز تعود إلى بلده؟». في الحسابات القومية، يعاني هذا النهج من متلازمة «الدجاجة أم البيضة». ليس من الواضح على الإطلاق أيهما يأتي أولاً: استثنائية الولايات المتحدة في حجم السوق والنمو والابتكار والسيولة، التي تجتذب رأس المال الأجنبي، أو تدفق رأس المال نفسه، الذي يؤدي إلى دولار مبالغ في قيمته بشكل مزمن يحد من قدرة الصادرات الأمريكية على المنافسة في جميع أنحاء العالم؟
ولكن على أية حال، فإن خطة فريق ترامب الحالية للتعامل مع هذه القضية فرض الضرائب على الواردات معيبة لسببين رئيسيين. السبب الأول، نجحت تهديدات التعريفات الجمركية حتى الآن في رفع قيمة الدولار إلى حد أكبر، الأمر الذي أدى إلى تضخيم مشكلة القدرة التنافسية التجارية. والمشكلة الثانية هي أن التعريفات الجمركية على الواردات لا تفعل الكثير لمعالجة الطلب المستمر على الأصول الأمريكية الجانب الآخر من هذه المعادلة.
وللتعامل بشكل مباشر مع هذه المشكلة، يعتقد بعض الخبراء أنك قد تحتاج إلى وضع العصيّ في عجلات التدفقات عبر الحدود، وهي العبارة التي صاغها عالم الاقتصاد في جامعة ييل والحائز على جائزة نوبل جيمس توبين قبل نحو خمسين عاماً، عندما اقترح فرض «ضريبة توبين» على المعاملات النقدية لترويض تدفقات رأس المال.
من المؤكد أن مسؤولي ترامب لم يبدأوا بعد بمناقشة ضوابط رأس المال أو الضرائب على الاستثمار الأجنبي علناً. ولكن بعض خبراء الاقتصاد والمستثمرين المتعاطفين مع سياسات الإدارة يتعاطفون مع هذا الخيار، إذ قال مدير صندوق التحوط للعملات في شركة «يورايزون إس إل جيه»، ستيفن جين، إن فرض الضرائب على الاستثمار الداخلي سيكون أفضل من فرض التعريفات الجمركية إذا كان الهدف هو زيادة الإيرادات، لأن التعريفات لن تجلب أبداً ما يكفي من الإيرادات لكي تكون بديلاً حقيقياً لضريبة الدخل.
ومن الممكن أن تكون الضريبة الجزئية هي الحل الأمثل إذا ركزت الإدارة في المقام الأول على زيادة الإيرادات. وتطبيق فكرة توبين بفرض ضريبة بنسبة 0.0005% على معاملات العملة في سوق عالمية يبلغ حجمها 7.5 تريليون دولار يومياً من شأنه أن يجمع كميات هائلة من الإيرادات، ومن غير المرجّح أن يؤدي إلى خفض المعاملات أو التدفقات.
ولكن هل زيادة الإيرادات هي حقاً هدف إدارة ترامب أم أنها تهدف إلى تغيير العلاقات التجارية «غير العادلة» المزعومة؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن ضوابط رأس المال لابد أن تكون مدمرة لكي تكون فعّالة. وقد تكون مدمرة للغاية بالفعل إذا كان ترامب يسعى حقاً إلى تقويض التوازن التجاري العالمي.
وحتى احتمال أن تفكر الولايات المتحدة في ردع الاستثمار الأجنبي قد يكون ضاراً في سوق رغوية بالفعل. فقد لا ينخفض ​​الدولار بشكل حاد فحسب، بل قد يصاحبه هبوط سوق الأسهم والسندات الأمريكية بأكملها.
* محرر الأسواق المالية في «رويترز»

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة صحيفة الخليج ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من صحيفة الخليج ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق