تعريفات جمركية ضرب بها ترمب العديد من الدول العالمية، لم تكن أوروبا مستثناة من تلك التعريفات التي صيغت كتدابير لتصحيح اختلالات الميزان التجاري وحماية الصناعات الأمريكية، تمثل صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة 20% من جميع السلع الأوروبية المصدرة، مما يجعل الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من تلك العلاقات التجارية القوية والأرقام الكبيرة، إلا أن الحكومة الأمريكية الجديدة صوبت صاروخاً جيواقتصادياً على القارة العجوز كفيلاً بأن يمدد مدة السبات الشتوي لنموها الاقتصادي.

يعتبر قطاع الخدمات مسؤولاً عن 72% من الناتج المحلي الإجمالي داخل الاتحاد الأوروبي، -وعلى الرغم من ذلك- تفرض الدول الأوروبية فيما بينها تعريفات جمركية على هذا القطاع بنسبة تتجاوز 100%. قطاع التصنيع الأوروبي هو الآخر واحد من ضحايا تلك التعريفات دخل الاتحاد نفسه بنسبة أكثر من 40%. عمدت هذه الحواجز على تقييد التجارة عبر دول الاتحاد الأوروبي إلى أقل من نصف التجارة عبر الولايات المتحدة، كما أنها أسهمت في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي داخل الاتحاد الأوروبي في آخر عقدين من القرن الواحد والعشرين.

السؤال الذي يطل علينا برأسه؛ لماذا تغضب أوروبا من تلك التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب؟!. أليست أكبر التعريفات الجمركية المفروضة على الزراعة والصناعة الأوروبية يفرضها الاتحاد الأوروبي نفسه؟ ألم تكن ضريبة الكربون الضخمة هي التي شلت الصناعة الأوروبية ومولت المزيد من بيروقراطية القطاع الصناعي؟!، ألم تكن القوى الاقتصادية الأوروبية إلى وقت قريب وهي في خضم فوضى سياسية بسبب نزاعات الميزانية التي أربكت سوق السندات؟!

إصلاح البيت الاقتصادي للاتحاد الأوروبي يتطلب رؤية شاملة واستراتيجية متكاملة تهدف إلى تعزيز التكامل، وتحسين السياسات، وتعزيز النمو المستدام. في الوقت ذاته، يحتاج إلى نهج متعدد الأوجه يعالج الفجوة التكنولوجية بينه وبين دول العالم المتقدم.