نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الدعاء للقادة والأوطان زيادة إيمان - ميديا سبورت, اليوم الجمعة 14 مارس 2025 01:19 صباحاً
ونُدركُ أنّ التجارب تربّي أولي الألباب، وتوقظ الضمائر التي لا تزال مؤمنةً بالعيش في أمان بين الأهل والأحباب، ولا أبلغ وعظاً من تجربة مواطن كان له بالليل «وطن آمن» وأصبح في اليوم التالي حديث ذكريات، فاضطر للاغتراب بأسرته أو الفرار بمفرده، راكباً أهوال البحر، أو ملقياً بروحه بين يدى تهلكة البراري، فالفقد صدمة، وكلما عظم الفقد عظمت الصدمة، ولا أعظم ولا أفدح من فقد وطن.
والتحولات في خطبة الجمعة ليس في جوامعنا ومساجدنا فقط «ملحوظة»، فلغة الخطباء والأئمة غدت رشيقة ومحببة، ودعاؤهم غدا شفيفاً كقطرات ماء المطر، وبالتحديد عندما يرد اسم الوطن «بلاد الحرمين»، فالدعاء ينساب وتعلو نبرة «آمين» عفوياً من المصلين بكافة جنسياتهم.
وحين طرقت فكرة المقال البال، حدثّتُ بها صديقاً، فقال بتشاؤم لا أحبذه، لا يغرونك ما غير خوف من وزارة الشؤون الإسلامية!! فخالفته وأكدتُ على أهمية حُسن الظنّ بالخطباء والوعاظ، لأنهم اليوم على درجة عالية من الوعي بأهمية وضرورة الوطن، فلولاه ما كانوا ولا كانت هذه المنابر والمحاريب الآمنة المطمئنة.
وكل مؤمن يبتهج بكل دعاء يتصعّد إلى السماء في هذه الأيام المباركة، وطيلة أيام العام، متضمناً المناجاة بحفظ وطننا، فالخصوصية الحقيقية للمملكة أنها «ملاذ العالم» بكل الهويات والأديان والمذاهب والطوائف، فصاحب الخير ومن ديدنه فعل الخير، يريد أن يكون العالم والناس كلها بخير، وإذا انعدم الملاذ الآمن فإلى وبمن تلوذ البلدان والشعوب المنكوبة والأفئدة المكلومة؟
وخطيب اليوم والواعظ أحوج ما يكون لدراسة فقه الواقع واستيعابه وتوظيفه في تعزيز الانتماء بحُبّ، فالسعوديون مؤهلون لتعليم كل الشعوب كيف تعشق أوطانها.
يستعيد خطابنا الوعظي والإرشادي التعافي في غضون أعوام قليلة، بحكم إيمان النخب الدينية أن الهويّة الوطنية هي أمّ الهويات وأبوها، وأننا لسنا بحاجة لتوسيع الهويّة أكثر مما يجب، ولا أن نضيّقها لنبلغ درجة اللوم والعتب، فالهويّة الوطنية لها محدداتها القانونية التي لا تقبل الزيادة ولا النقصان.
وبما أنّ من قواعد الإيمان أنه يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان، فلا أرى في الدعاء للقادة والأوطان إلا زيادة إيمان، فالمصالح الدينية والدنيوية لا تتحقق إلا بوجودهم، والمفاسد تتجذر متى ما اضطرب وطن أو اختلّ أمنه، وسِلمه المجتمعي، والشواهد ماثلة للعيان.
وإذا كان من رهان على تجديد آليات الخطاب الديني، فلن ينجح إلا إذا تبنته مؤسسات مهبط الوحي ومهوى الأفئدة لأن المسلمين الأنقياء يفترضون أننا أعلم الناس بكتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، بحكم المكان الذي تنزّلت فيه الرسالة، والقِبْلة التي جمعهم الله عليها دون خلاف، واللغة العربية التي هي جذر القرآن ومادته، ووفرة العلماء الربانيين. ولسنا في رمضان بحاجة إلى إثبات تنامي الانتماء نظرياً فقط، بل علينا حين نحضر إلى بيوت الله ونصغي للدعاء الذي ينبع من قلوب الأئمة ونؤمّن عليه بصدق وإخلاص، كونه يعبّر عنّا، ويمثلنا وينتمي لمشاعرنا.
تقبل الله طاعتنا وغفر لنا ولكم، وحفظ الله الوطن السعودي وأمدّ بالصحة والعافية وطول العمر قيادته «آمين».
أخبار ذات صلة
0 تعليق