نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
“أزمة المودعين” .. هل تنجح الحكومة في استعادة ثقة المودعين اللبنانيين ؟ - ميديا سبورت, اليوم الخميس 13 فبراير 2025 09:11 صباحاً
مع بداية تسليم المهام بين الوزراء الجدد وأسلافهم، تدخل حكومة نواف سلام مرحلة العمل الجاد، لكنها تواجه استحقاقات متراكمة وعالقة منذ سنوات، بعضها يعود إلى عقود مضت.
تواجه الدولة اللبنانية، إلى جانب الأزمة الاقتصادية والمالية التي دخلت فيها رسميًا في عام 2019، عجزًا بنيويًا في إيجاد رؤية لحل هذه الاستحقاقات. لذا، يُعول اليوم على الحكومة، من خلال الحقائب الوزارية المُوزعة، أن تتبنى نهجًا مغايرًا يوفر حلولًا لتلك الاستحقاقات، أبرزها “أموال المودعين”.
في هذا السياق، يقول الخبير في الشأن الاقتصادي والمالي، الدكتور محمود جباعي، لموقع “المنار” الإلكتروني: “للأسف، الحكومات التي تعاقبت بعد الأزمة، سواء حكومة الرئيس دياب أو حكومة ميقاتي، لم تُظهر رؤية حقيقية لرد أموال الناس”. وأضاف جباعي: “هناك نقطة أساسية نطالب بها دائمًا كخبراء، وهي أن الدولة و المصارف في لبنان، مسؤولون عن الأزمة. الدولة التي كانت تستدين من الخارج وتنفق على وزاراتها وتُهدر هذه النفقات، هي المسؤولة عن هذه الأموال، والتي هي من أموال المودعين. يُقدّر المبلغ بحوالي 48 مليار دولار تم إنفاقه من قبل الحكومات المتعاقبة في العشر سنوات الأخيرة، ومعظم هذه الأموال كانت من أموال المودعين، بالإضافة إلى الديون التي أخذتها الدولة من المصرف المركزي”.
بدأت أزمة الودائع في أواخر 2019، عندما فرضت البنوك اللبنانية قيودًا صارمة على سحب الأموال بالدولار والتحويلات الخارجية، ما أدى إلى احتجاز أموال المودعين داخل النظام المصرفي. عقب هذه القيود، التي تمثلت في عشرات التعاميم، اندلعت حركات احتجاجية واسعة من قبل المودعين أمام المصارف. وحتى هذه اللحظة، لم يتم تقديم حل واضح لهذا الملف، وما زالت الأنظار تتجه نحو الحكومة وأدائها المالي.
تحديات وزارة المالية وأبرزها ملف المودعين
أمس الأربعاء 12 شباط 2025، جرى تسليم المهام بين وزير المالية ياسين جابر وسلفه الوزير السابق يوسف الخليل عند الساعة الحادية عشرة صباحًا في مبنى وزارة المالية في وسط بيروت. عُين الخليل وزيرًا للمالية في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في 10 أيلول 2021، وعُرفت فترة توليه بمحطات مهمة، منها ما يتعلق بتحقيقات حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، وملفات التدقيق الجنائي، وخطة التعافي والموازنة.
اليوم، أمام الوزير ياسين جابر العديد من الاستحقاقات المهمة، بدءًا من تسمية حاكم جديد لمصرف لبنان المركزي، بالإضافة إلى خطط التعافي المالي، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وملفي إعادة الإعمار والودائع.
وفي تصريحات له بعد تسميته وزيرًا للمالية، قال جابر إن المبدأ الأساسي الذي يجب أن ننطلق منه في هذه الحكومة هو أن “مبدأ شطب ودائع ليس واردًا”. ويتوقع جباعي من معالي وزير المالية، ياسين جابر، كونه وزيرًا للمالية ولديه رؤية في هذا الأمر، أن يهتم بأن تتحمل الدولة مسؤوليتها. وقال جباعي: “إذا تحملت الدولة مسؤولياتها، فسنتمكن من حل أزمة المودعين، بالتأكيد مع المصرف المركزي والمصارف. بعد تحديد المسؤوليات ومعرفة من أنفق هذه الأموال، تُشكَّل لجنة من الدولة اللبنانية والمصارف والمصرف المركزي والمودعين وبعض الخبراء لمناقشة كيفية وضع خطة حقيقية لحل أزمة المودعين. لا يمكن للحكومة أن تحل الأزمة كلها في سنة، ولكن يمكنها وضع خطة واضحة ومسار منطقي وعلمي للحل”.
من جهة أخرى، يقول رئيس جمعية المودعين حسن مغنية إن الأزمة دخلت عامها السادس “ولم يبقَ من العمر أد ما مضى “. ويضيف: “ما نطالب به هو خطة مُحكمة لإعادة أموال المودعين كاملة ودون نقصان خلال مهلة زمنية منطقية، وخاصةً التعويض على وضع الليرة الذي تدهور بعد 17 تشرين الأول. نحن بإنتظار البيان الوزاري وبانتظار الحكومة، وسنعطيها مهلة لنرى كيف ستتصرف، وسنتخذ الإجراءات بناءً على ذلك. ولا نريد أن نحكم على الحكومة الجديدة قبل إصدار البيان الوزاري، وسنرى إذا كان البيان الوزاري سيطمئننا بشأن أموال المودعين”.
الحلول المطروحة ولكن !
الحلول موجودة، وعلى مدى سنوات الأزمة، تصدى عدد كبير من الخبراء ومراقبي السوق لتقديم الحلول الممكنة، ولكن تنفيذها كان يحتاج إلى تبني حقيقي ووضعها على سكة الحل. أبرز هذه الحلول تتضمن مسألة التدقيق الجنائي، إنشاء صناديق لرد الأموال تحت أسماء مختلفة، إعادة هيكلة المصارف، ولا سيما مصرف لبنان الذي يمتلك 26 مليار دولار من الذهب، وأكثر من 10 مليارات من الأصول النقدية، وتقييم أصول الدولة.
إلا أن التركيز على أصول الدولة وتخصيص جزء من عائدات هذه الأصول قد تكون فوائده ضئيلة بحسب بعض المراقبين. في هذا السياق، يقول جباعي: “إن الدولة اللبنانية والحكومة في المرحلة القادمة يجب أن تسلك طريقًا يتم من خلاله تقسيم الحلول على الجهات المعنية كافة. فمثلاً، الدولة لديها أصول واستثمارات وأملاك غير منتجة، ولكن لديها إدارة سيئة للعديد من الملفات. كما أن المصارف يتوجب عليها العمل على إعادة هيكلة الأصول والموجودات وتسييلها من أجل وضعها في صندوق يُقدَّم للمودعين. وإلا سندخل في دوامة إضاعة الوقت”.
هذا الطرح قد يساعد بإعادة أموال المودعين طبعاً ولكن يحتاج الى وجود آلية واضحة تُقدر كُل هذه الاصول بطريقة ممنهجة وعلمية . والشرط الاساسي أن لا تكون هذه الاليات خاضعة للضغط لتستطيع تخمين الموجودات ووضع تقديرات رسمية بعيداً عن التنفيعات والدهاليز السياسية. الطرح يُلاقي الكثير من الانتقادات والحذر خصوصاً أن الدولة فقدت ثقتها أمام شعبها بالدرجة الاولى وبعده المؤسسات الدولية فكيف سيقوم فاقد الثقة بإنشاء هيئات تُقدر الاصول وتُميز بين المنتج وغير المنتج . بالاضافة الى أن هذه العملية بحسب بعض الاراء تحتاج لسنوات علماً أننا في السنة السادسة للأزمة ، لو بدأنا كُنا قد حصدنا نتائج أولية .
خطة التعافي المالي والموازنة
من التحديات الأخرى التي تواجهها وزارة المالية إعادة النظر في خطة التعافي المالي، في ضوء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. يرى جباعي أنه من الضروري إطلاق المفاوضات مع صندوق النقد، لأنه يعطي ثقة للبلد. وأضاف: “إن صندوق النقد اليوم، بعد التواصل معه، أكد أنه ليس لديه نية حول أموال المودعين، بل كان الوفد المفاوض القديم هو الذي يتحدث عن أموال المودعين. لذا، يجب أن يكون هناك وفد جديد وتعاطٍ جديد ورؤية جديدة في التعامل مع صندوق النقد. الاتفاق مع صندوق النقد سيعطي البلد فرصة للاتفاق مع مجموعة العمل المالي الدولي (FATF)، وهذا سيساعد في الخروج من اللائحة الرمادية”.
إعادة دراسة الموازنة
يؤكد غرابيد فكرجيان، الباحث الاقتصادي، في مقابلة مع موقع المنار الالكتروني أن أهم تحدٍ تواجهه وزارة المالية اليوم هو “كيفية” التعاطي مع مختلف الاستحقاقات المطروحة، مثل الموازنة العامة وضبط النفقات. في المقدمة تأتي عملية ضبط نفقات القطاع العام التي تفوق الحاجة. وأيضًا مسألة الضرائب، حيث يرى فكرجيان أن تخفيض الضرائب يساهم في جذب الاستثمارات الخارجية ويعكس إيجابًا على حركة السوق والمستهلك. كما يشير إلى دور الحكومة في إلغاء الاحتكارات وفتح المجال للمنافسة في تمويل المشاريع مثل الكهرباء والطرقات، على أن يكون ذلك مدروسًا لتجنب نقل الاحتكارات من القطاع العام إلى الخاص.
ويرى جباعي أن الخيارات أمام الوزارة ليست واسعة جدًا. فإما أن تُقرَّ الموازنة بالمرسوم مع مراجعة بعض النفقات والإيرادات، خاصةً أن النفقات ستتعدل قليلًا في زمن الحرب، وقد تنخفض الإيرادات لأن العديد من الشركات والمؤسسات المالية التي تدفع الضرائب والرسوم قد تضررت. بالتالي، يجب أن يتم إعادة دراسة هذه الموازنة بطريقة أو بأخرى، ثم إقرارها بالمرسوم.
قد يكون الوقت المتاح للحكومة غير كافٍ لرؤية النتائج النهائية لكل الملفات التي يتم الحديث عنها ، ولكن على الأقل يجب أن تستعيد هذه الدولة في المرحلة الحالية الثقة مجددًا لكي لا تكون هذه الوعود مجرد بيع أوهام.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق