انطلاق أعمال مؤتمر "استراتيجيات الدفاع للدول الصغيرة والقوى الأصغر" - ميديا سبورت

0 تعليق ارسل طباعة حذف

 بدأت اليوم الأحد، 23 شباط/ فبراير 2025، أعمال مؤتمر "استراتيجيات الدفاع للدول الصغيرة والقوى الأصغر: التكيفات التكتيكية والابتكارات العملياتية"، الذي تعقدهوحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، على مدى ثلاثة أيام. يبحث المشاركون في المؤتمر، من باحثين رائدين في الحقل وخبراء ممارسين من 28 دولة حول العالم، في عشر جلسات، مجموعة التحديات الأمنية والاستجابات المتاحة للدول الصغيرة والفاعلين غير الدولتيين في 30 دولة صغيرة وحالة دراسية. وبالاستفادة من دراسات الحالة المقارنة والإقليمية، من منطقة البحر الكاريبي إلى جنوب شرق آسيا، بما في ذلك الخليج والشرق الأوسط الأوسع، يحلل المشاركون الطبيعة المتغيرة لممارسات الدفاع في الدول الصغيرة والوسائل المبتكرة التي تستخدمها لمواجهة التهديدات الأمنية.

استُهل المؤتمر بكلمة افتتاحية ألقاها عمر عاشور، مدير وحدة الدراسات الاستراتيجية، رحّب فيها بالباحثين المشاركين والحضور، مشيرًا إلى نسبية مفهوم الصغير والأصغر واعتماده على حجم الطرف الآخر في المواجهات، وأن فكرة المؤتمر جاءت لسد بعض الفجوات المعرفية في أدبيات الموضوع، ويشمل ذلك التعريفات، إذ ما زالت الأدبيات حول الموضوع قليلة مقارنةً بالأدبيات حول اقتصاديات الدول وعلاقاتها الدولية. ثمّ أوضح الأهداف الثلاثة الرئيسة التي يسعى المؤتمر إلى تحقيقها، وهي: أولًا، تقديم تحليلات متعددة المستويات، من الابتكارات التكتيكية إلى التحولات الاستراتيجية في مجالات الحرب السبعة (البرية والبحرية والجوية والفضائية والمعلوماتية-الاستخباراتية والسيبرانية والإلكترو-مغناطيسية)، يُربَط فيها بين الخبرات الميدانية في الخطوط الأمامية من ناحية، والنقاشات الأكاديمية في الخطوط الخلفية. ثانيًا، تقديم دروس مقارنة مستمدة من خبرات الجيوش النظامية للدول الصغيرة (أو الأصغر) والقوى غير الدولتية اللانظامية، ما يبيّن كيفية إنتاج التحديات المتشابهة، مثل القوى البشرية المحدودة أو الموارد الاقتصادية أو النفوذ الجيوسياسي، وتكيّفات استراتيجية متنوعة ومفاجئة في بعض الأحيان، وكذلك ابتكارات عملياتية وتكتيكية. ثالثًا، النظر بحثيًا في كيفية تأطير هذه الدروس والمنظورات بغرض رفدِ أجندة سياسات الدفاع الاستراتيجي، والمساهمة في تعزيز الأمن الوطني والأمن الإقليمي والدولي.

ضمّت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، التي ترأّسها عبد الوهاب الأفندي، رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا، مداخلتين قدّمهما أنتوني كينغ، أستاذ دراسات الحرب والأنثروبولوجيا الاجتماعية في جامعة إكستر، وعمر عاشور، أستاذ الدراسات الأمنية والعسكرية في معهد الدوحة. في مداخلة بعنوان "الدول الصغيرة في الحروب الحديثة: دور الحرب الحضرية والذكاء الاصطناعي في استراتيجيات الدفاع"، تطرّق كينغ إلى التحديات الماثلة أمام الدول الأصغر حجمًا في العصر الحالي، في ظل التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، مركزًا على دور الحرب الحضرية والذكاء الاصطناعي في صياغة استراتيجية دفاعية للدول الأصغر، مع التطرّق إلى الحالة الأوكرانية.

أمّا عاشور، فهدف في مداخلته "الدفاع الهجين للدول الصغيرة والقوات الأصغر: دروس في الفاعلية القتالية من أوكرانيا وغزة"، إلى الإجابة عن سؤال بحثي رئيس: إن فشلَ الردعُ وتعثرت الدبلوماسية، كيف يمكن الدول الصغيرة أن تدافع عن نفسها في مواجهة خصوم أكبر، متفوقين عليها في العدد والعدة والعتاد؟ وذلك من خلال مفهمة "الدفاع الهجين"، وربطه بمفاهيم "الفاعلية العسكرية" و"الفاعلية القتالية"، ثم تحليل بعض فنون العمليات والتكتيكات التي توظِّفها القوات الأصغر نسبيًا، في حالتَي القوات العسكرية والأمنية الأوكرانية، وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة.

ترأّست الجلسة الأولى من المؤتمر، آيات حمدان، الباحثة في المركز العربي، وكان محورها "الصمود الاستراتيجي: غزة ودروس الدفاع"، وشارك فيها أربعة باحثين. قدّم بلال محمد شلش، الباحث في المركز العربي، ورقةً بعنوان "طليعة تصنع التاريخ: تنظيمات المقاومة الفلسطينية بوصفها قوى أصغر (1965-2025)"، تتبّع فيها التطوّر التاريخي للمقاومة الفلسطينية، من لحظتها الثورية الجديدة في عام 1965 إلى تجربتها الأخيرة داخل الأرض المحتلة خلال العقود الثلاثة الماضية، بوصفها قوى صغيرة، مبينًا أن أدبياتها المبكرة، على اختلاف توجهات تنظيماتها وخلفياتها ومراحل نشاطها، عكست نظرتها إلى نفسها، وأهدافها القريبة والبعيدة، ودورها التنفيذي، انطلاقًا من كونها "قوى أصغر" في مواجهة المشروع الاستعماري في فلسطين.

وتناول محمود محارب، الباحث في المركز العربي، في ورقته "قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي: أسباب تراجعها عددًا ونوعيةً"، أهمية قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي، ودورها المهم في الحروب التي خاضتها إسرائيل بعد حرب عام 1948، في الأعوام 1956 و1967 و1973 و1982، متتبعًا العوامل التي قادت، في العقود الثلاثة الأخيرة، إلى تراجع دور قوات الاحتياط ومكانتها في الجيش الإسرائيلي، ما أدى إلى تراجع جاهزيتها للقتال وتدنّي مستواها القتالي.

أمّا مجد أبو عامر، الباحث في المركز العربي، فعرض في ورقته "كيف تدافع حماس؟ التكتيكات القتالية والابتكارات العملياتية في حرب غزة 2023-2024"، استراتيجيات الدفاع التي اتبعتها كتائب الشهيد عز الدين القسّام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس") بوصفها قوة أصغر منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مع رصد تكتيكاتها القتالية وفاعليتها، بالتركيز على دور الأنفاق التي وظّفتها قوى المقاومة الفلسطينية أداةً عملياتية زادت من فاعليتها القتالية، متغلبةً على معضلة جغرافيا غزّة الصغيرة والمحاصرة وعدم امتلاك منظومة دفاع جوّي من جهة، وعلى التفوّق العسكري والاستخباراتي ووسائل المراقبة الإسرائيلية، من جهةٍ أخرى.

وفي ورقة بعنوان "حزب الله: مرونة مقاومة إسلامية"، ركّز بشير سعادة، المحاضر في السياسة والدين في جامعة ستيرلنغ، على أهمية الاستشهاد بالنسبة إلى حزب الله اللبناني، ليس فقط لتعزيز هوية أو ثقافة دينية معينة، بل أيضًا في غرس آثار عملية ولوجستية وعسكرية مهمة، والتي مكّنت الحزب من الاستمرار في مواجهة عملية عسكرية جوية وبرية إسرائيلية، من دون أن يتوقف عن إطلاق الصواريخ في شمال فلسطين، رغم الاختراق المعلوماتي الهائل الذي حققته إسرائيل، واغتيال أمينه العام إلى جانب غالبية قادته العسكريين.

عُقدت الجلسة الثانية، التي ترأّستها عائشة البصري، الباحثة في المركز العربي، بعنوان "النساء في المواجهة: دور المرأة في القوات المسلحة الأصغر"، وتضمنت أربع مداخلات، افتتحتها يارا نصّار، الباحثة في المركز العربي، بورقة عنوانها "المرأة في المقاومة المسلحة الفلسطينية: سير ومسارات"، تتبعت خلالها تطور دور المرأة الفلسطينية في المقاومة المسلحة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي منذ انطلاق الثورة الفلسطينية عام 1965، وخاصةً في الفترة التي تلت نكسة عام 1967، التي شهدت انخراطًا مباشرًا للنساء في العمليات العسكرية، مع التطرق إلى دور الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في تدريب النساء وتنظيمهن.

ثم قدّمَت فاطمة النعيمي، الباحثة والمحللة في وزارة الدفاع القطرية، ورقة بعنوان "دور المرأة في القوات المسلحة القطرية: الإمكانات والتحديات"، تناولت فيها تجربة النساء في القوات المسلحة القطرية، مبينةً الأسباب التي دفعت قطر إلى إدماج المرأة في قواتها المسلحة، ومدى تأثير وجودها في فاعلية التنظيم العسكري، ومن ثم قدمت رؤى حول كيفية تعزيز الكفاءة الشاملة من خلال الاستفادة من المهارات والخبرات المختلفة التي تقدمها النساء.

بينما حللت ماريا شيخ، الباحثة الأوكرانية وإحدى المدافعات عن مدينة ماريوبول، في ورقتها "المرأة في القوات المسلحة الأوكرانية: التطور والتحديات والخبرة الميدانية"، الإدماج المتسارع للنساء في القوات المسلحة الأوكرانية، مع التركيز على تطور العقيدة القتالية، والتعقيدات العملياتية، استنادًا إلى البيانات الميدانية المباشرة والمراقبة الميدانية. وبيّنت تفوّق النساء في المهمات الحساسة، من قبيل عمليات القنص، وتحقيق الاستقرار الطبي في الخطوط الأمامية، وزيادة بسط القوة، وتعزيز وتيرة العمليات.

وخُتمت الجلسة بورقة قدّمتها إيفانا كوفاسيفيتش بيكيتش، باحثة دكتوراه في الإعلام والاتصالات في جامعة الشمال في كرواتيا، عنوانها "المرأة في منظومة الدفاع الكرواتية"، حللت فيها عدد النساء في مؤسسات الدفاع في كرواتيا ومكانتهن وحقوقهن، ومساهمتهن في الدفاع عن بلادهن، واللواتي يشكّلن 14 في المئة من قوام الجيش الكرواتي.

بحثت الجلسة الثالثة للمؤتمر، التي ترأّسها حيدر سعيد، رئيس وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية في المركز العربي، موضوع التكيّفات والابتكارات المتعددة المجالات التي تتبعها دول الخليج لتعزيز أمنها. وقدّم طلب الفليج، فريق ركن متقاعد في القوات المسلحة الكويتية، ورقة عنوانها "استراتيجية الدفاع الكويتية: نحو عقيدة عسكرية تتجاوز التحديات"، تناول فيها التحديات التي تواجهها الكويت بوصفها دولة صغيرة تقع بين دول تكبرها من حيث المساحة وعدد السكان والإمكانيات كيفًا وكمًا. ثم ناقش بنية القوات المسلحة الكويتية والهيكلية التي يجب أن تكون عليها، وفلسفة التدريب الذي يفترض أن تحظى به القوات في مثل هذه الظروف على المستوى التكتيكي، بهدف تطوير عقيدة قتالية تعالج التحديات الكبيرة، في سبيل الحفاظ على كيان الدولة وسيادتها وسلامة أراضيها.

وفي ورقة بعنوان "المرونة الاستراتيجية لسلطنة عمان"، حلل محمد بن سعيد الفطيسي، المحاضر في كلية الحقوق في جامعة البريمي، الاستراتيجية الدفاعية لسلطنة عُمان، وكيفية تعاملها مع محيطها الإقليمي الملتهب بالأزمات، مثل الملف النووي الإيراني، والصراع في اليمن، والقرصنة البحرية، والتحدّيات المستجدة مثل الإرهاب، وعمليات المناطق الرمادية، وغيرها من التهديدات، من خلال ما وصفه الباحث بالحذر والمرونة (التكيف التكتيكي العملياتي) القائمَين على تطوير المجالات السيبرانية والفضائية، وتعزيز القدرة والثقل الدبلوماسي (القوة الناعمة).

أمّا خليفة الكواري، عضو هيئة التدريس في أكاديمية شرطة قطر، فتناول في ورقته "الدفاع السيبراني لدول الخليج الصغيرة: حالتا قطر والإمارات العربية المتحدة"، كيفية تعامل الدول الخليجية الصغيرة، خاصةً قطر والإمارات العربية المتحدة، مع المشهد القانوني المعقّد للدفاع السيبراني، من خلال عدسة القانون الدولي، مبينًا أنّه على الرغم من قيود الموارد، فقد أنشأت الدولتان آليات قانونية متطوّرة للدفاع السيبراني، مع ما تواجهانه من تحدياتٍ مستمرة في مجالات مثل الإسناد والتنفيذ.

وفي السياق نفسه، قدّم راشد المهندي، الخبير في صناعة الدفاع والمستشار في مجال المخاطر الجيوسياسية، فيورقته "من مشترين إلى مطوّرين: سعي دول مجلس التعاون لصناعات دفاعية محلية"، نظرة عامة على صناعات الدفاع في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، محللًا السياسات والاستثمارات الخليجية في الصناعات الدفاعية، خاصةً في المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر، مع النظر في المبادرات المحدودة لسلطنة عُمان والكويت.

تتواصل جلسات المؤتمر حتى يوم الثلاثاء 25 شباط/ فبراير 2025 في مقر المركز العربي على نحو ما هو موضح في جدول أعماله، وتُبثّ جلساته مباشرةً عبر منصّات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمركز، مع توافر الترجمة الفورية باللغتين العربية والإنكليزية.


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق